للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وليست تهمنا هنا تلك الفصول التي استوعبت نماذج كثيرة من الخطب وحديثاً عن أدوات الكاتب وصفاته وأحكام صنعته. وأسماء المشهورين من الكتاب. ووصف الخط والأقلام والدواة والحبر مما يشغل حيزاً كبيراً في المرتبة الرابعة يعود بعده إلى الحديث عن مرتبة نظام القريض. فيورد أقوال المتقدمين في قيمته وأهميته ويقف عند قوله تعالى " وما علمناه الشعر وما ينبغي له ". وعند قوله: " وانهم يقولون ما لا يفعلون "، فيعلق بقوله: " ومثل هذه المبالغات المحالية والدعاوى الانتخالية مثل قولهم: قالت لي وقلت لها فيمن لم يكن رآها قط أو كلمها، فمن صدق هذا واتبعه فقد غوى " (١) .

التأثير يتم بالتلازم بين الموضوع ونفسية السامع

وتأثير الشعر في رأي المواعيني إنما يتم بسبب التلاؤم بين الموشوع ونفسية السامع. كالمدح في حال المفاخرة والمنافرة، والهجاء في حال المنابذة. والنسيب في حال شكوى العاشق واهتياج شوقه ولوعته، " فإذا واقعت هذه المعاني هذه الحالات تضاعف حسن موقعها عند مستمعها؛ ومن ثم يكون الشعر سبباً في تحريك المشاعر المتشابهة وإثارتها، فيحترق العاشق ويشرف الجواد ويمرح المسرور ويترح الحزين (٢) .

ولا جديد عنده في قسمة الشعراء إلى مطبوع ومثقف متكلف أو في الحديث عن البديهة والروية، أو عن الجزالة الأعرابية والليونة الحضرية. وهو يرى الجمع المتوسط بين الجزالة والرقة (٣) ، كأنه كان يرجو التوفيق بين المذهبين المتباعدين في الأندلس.


(١) الريحان والريعان: ١١٢/ أ.
(٢) انظر الورقة: ١٢٠.
(٣) انظر الورقة: ١٢٢.

<<  <   >  >>