للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بألفاظ عامية لإفهام الجهال؛ ولقد أنشد بعض علية الكتاب شعر زجال، ويعد في شعراء الخواص، وهو قوله:

يمسك الفارس رمحاً بيد ... وأنا أمسك فيها قصبه

فكلانا بطل في حربه ... عن الأقلام رماح الكتبه فقال: وإلى الآن إنما نحن من شعره في زجل " (١) (يريد صوتاً لا يفهم) . وهذا النص هام لأنه يظهر جانباً آخر من الذوق الأندلسي غير الذي عرفناه عندما تحدثنا عن ابن قزمان؛ ولا ريب في أن اعتبار الزجل من الشعر الذي نزل من السهولة إلى الغثاثة إنما يعد خطأ في التصور والحكم؛ ولكن السهولة التي توخاها ابن قزمان قد أتاحت للنقاد المحافظين أن يصدروا مثل القول.

تفاوت الشعراء: نعم تفاوت الشعر لشاعر واحد متغرب

ويقر المواعيني أن تفاوت الشعراء أمر طبيعي ولكنه يتعجب من أن يكون لشاعر واحد تارة شعر مستغلق وتارة منيسط، ويقول: " ولا أدري فائدة لغامض المعاني والألفاظ إلا لمعنى سبر إفهام الناس، أو أن يدل الشاعر على اتساع موارده واحتفال حفظه لكلام العرب ولغاتها شعيرها وغريبها " (٢) .

إتكاؤه على ابن طباطبا وابن المعتز وقدامة والحاتمي

فإذا تحدث عن تسهل الشعر وتصعبه بين حين وحين نقل كل ما جاء عند ابن قتيبة، وإذا تحدث عن الأشعار الرصينة والمموهة والمستكرهة، أو شبه بعض الشعر بالقصور وبعضه بالخيام المتقوضة، وإذا نص على أن عيار الشعر أن يعرض على الفهم الثاقب كما تعرض المحسوسات على الحواس المختلفة، فلذلك كله منقول من " عيار الشعر " لابن طباطبا. وبعد أن يورد


(١) الورقة: ١٢٧/ ب.
(٢) الورقة: ١٢٩.

<<  <   >  >>