للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

نظرته إلى موضوعات الشعر

فإذا تناول الناشئ موضوعات الشعر، تحدث عنها بهذا الأسلوب البياني فقال: " أول الشعر إنما يكون بكاء على دمن، أو تأسفاً على زمن، أو نزوعاً لفراق، أو تلوعاً لاشتياق، أو تطلعاً لتلاق، أو أعذاراً إلى سفيه، أو تغمداً لهفوة، أو تنصلاً من زلة، أو تحضيضاً على أخذ بثار، أو تحريضاً على طلب أوتار، أو تعديداً للمكارم، أو تعظيماً لشريف مقاوم، أو عتاباً على طوية قلب، أو متاباً على مقارفة ذنب، أو تعهداً لمعاهد أحباب، أو تحسراً على مشاهد أطراب، أو ضرباً لامثال سائرة، أو قرعن لقوارع زاجرة، أو نظماً لحكم بالغة، أو تزهيداً في حقير عاجل أو ترغيباً في جليل آجل، أو حفظاً لقديم نسب، أو تدويناً لبارع أدب " (١) .

ويبدو أنه بعد أن تناول موضوعات الشعر على هذا النحو العام عاد يقف عند كل موضوع منها على حدة، فمما نقله عن أبو حيان متصلاً بموضوع الغزل والنسيب قوله: " ومخاطبات النساء تحلو في الشعر وتعذب في القريض لاسيما لغانية قد أطر الفتاء شاربها، وزوى الآباء حاجبها، وأشط الجمال قوامها، وأفرد الحسن تمامها، وانجل الهوى عينيها، وامرض الزهو جفنيها، وأرابت الصبابة ألفاظها، وفتر الرنو ألحاظها؟ الخ " (٢) ، وهي قطعة طويلة، كان الناشئ يعدد فيها مقاييس الجمال، وما يلتفت إليه الشاعر من شئون الحسن إذا هو اخذ في الغزل، وما قد يصوره من المشاعر أو من الالتفاتات النفسية إذا هو تحدث عن مواقف الغرام وقصص الحب. وهذا منزع غريب في النقد - أن صحة التسمية - وليس في مقدورنا أن نحكم على كتاب الناشئ وجهده عامة، لأنا لا نملك إلا أربعة


(١) البصائر ٢: ٢٦٠ - ٢٦١.
(٢) البصائر ٢: ٦١٩ - ٦٢١.

<<  <   >  >>