للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يقول عاشقها هذا الملح قد أقبل حتى يقول قد تولى؟ " (١) . أن الالتفات إلى ابن الرومي استمرار لذلك الكشف الذي بدا في القرن الرابع، وبقي - بل أزداد بروزاً - لدى نقاد القرن الخامس وخاصة ابن رشيق، الذي عد ابن الرومي أحق الناس بلقب شاعر. ولكن ابن سناء الملك قد أقر بعجزه عن صنع مختار من شعره، وعلل ذلك بالتفاوت فيه. وتجاوز أسباب أخرى أو لم يدركها؛ وليس في الكتاب ما يدلنا ماذا كان رد الفعل لدى القاضي الفاضل إزاء هذا النقد.

توجيهه لاختيار شعر ابن رشيق

كذلك وجه القاضي الفاضل تلميذه لعمل اختيار من شعر ابن رشيق، وكان هذا مراناً أسهل من سابقه، إذ أنجز ما طلبه إليه، وأرسل الاختيار لأستاذه، وأفاده التمرس بهذا حين نبهه إلى ما يعانيه شعر ابن رشيق من اتكاء على شاعره المفضل - ابن المعتز - وعلى المتنبي، حتى قال: " ولو لم يكن يخلق الله ابن المعتز والمتنبي لما كان ابن رشيق يعرف الشعر فضلاً عن أن ينظمه، ولا أن يعلمه، وهو ينهب أشعار هذين الرجلين نهباً قبيحاً، ولا سيما ابن المعتز " (٢) ثم أورد أمثلة من منهوبات ابن رشيق، وجرى بذلك في سياق النقاد الذين تحدثوا عن السرقات، وتوجه خاطره إلى التوقف عند المعاني المشتركة.

ابن سناء الملك يستخلص قواعد الموشح

إن المساجلات بين القاضي الفاضل وابن سناء الملك تدخل في صميم النشاط النقدي، ولكنها قاصرة على تدريب فرد من الناس ليجود شعره، ويوسع افقه في القدرة على تمييز الجيد من الرديء في الشعر؛ وهي وحدها لا تجعل من ابن سناء الملك ناقداً ذا مذهب نقدي واضح المعالم؛ غير أنه يستحق اسم الناقد لشيء آخر، وذلك في موقفه من الموشح، الفن الطارئ


(١) فصوص الفصول، الورقة: ٣١.
(٢) المصدر نفسه، الورقة: ٨٠.

<<  <   >  >>