للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ابن خلدون والنقد الأدبي

كل ذي حرفة يغلب مصطلح حرفته على شعره

ليست لدينا صورة متكاملة عن النقد الأدبي في الأندلس أثناء القرن الثامن؛ وإذا استثنينا موقف ابن خلدون فكل ما لدينا شذرات أو إشارات إلى شيء من النشاط النقدي، فنحن نعلم مثلاً أن احمد ابن شعيب الجزنائي كاتب أبي الحسن المريني (توفي ابن شعيب سنة ٧٥٠) (١) " كانت له إمامة في نقد الشعر وبصر به " (٢) ، ومن ضروب هذا البصر أنه ذاكره ابن رضوان (٣) مرة في الشعر وانشده مطلع قصيدة لبعض شعرائهم وهو:

لم أدر حين وقفت بالأطلال ... ما الفرق بين جديدها والبالي فقال له على البديهة: هذا شعر فقيه (من قوله: ما الفرق؟) وكان حكمه صائباً، ومرد هذا الحكم - في النظر - إلى مبدأ كان قد شاع في المغرب والمشرق وهو أن ألفاظ أصحاب كل حرفة تغلب على أشعارهم؛ وقد وضح الصلاح الصفدي (- ٧٦٤) هذا المبدأ بقوله: " وكل من عانى


(١) ترجمته في نيل الابتهاج: ٦٨.
(٢) التعريف بابن خلدون: ٤٨.
(٣) كان كاتب العلامة عند السلطان أبي الحسن المريني، راجع دراستي عنه في " كتاب العيد ": (بيروت ١٩٦٦) .

<<  <   >  >>