السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} ، وقال سبحانه:{مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} ، والآيات في هذا المعنى كثيرة، وفي الصحيحين عن علي - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار، فقالوا: يا رسول الله أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل، فقال - صلى الله عليه وسلم -: اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما من كان من أهل السعادة فييسر لعمل أهل السعادة، وأما من كان من أهل الشقاوة فييسر لعمل أهل الشقاوة ثم قرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله تعالى:{فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} ، وفي صحيح مسلم عن عمر بن الخطاب، وأبي هريرة - رضي الله عنهما - أن جبريل سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الإيمان، فقال- عليه الصلاة والسلام -: "الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره"، هذا لفظ عمر، ولفظ أبي هريرة: "أن تؤمن بالله وملائكته وكتابه، ولقائه ورسله، وتؤمن بالبعث وتؤمن بالقدر كله" وفي صحيح مسلم - أيضا - عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، قال: وعرشه على الماء". وفي صحيح مسلم - أيضا - عن عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كل شيء بقدر حتى العجز والكيس" والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وفي هذه الآيات والأحاديث الدلالة على أن الله، سبحانه، قد قدر الأشياء وعلمها وكتبها، وأن الإيمان بذلك أصل من أصول الإيمان الستة التي يجب على كل مسلم الإيمان بها، ويدخل في ذلك أنه، سبحانه، خلق الأشياء كلها، فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، كما قال - عز وجل -: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} ، وقال سبحانه:{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ} ، وقال سبحانه:{لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاءُونَ إَِّلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} ، فعلمه، سبحانه،