للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: ولد صالح يدعو له أو صدقة جارية من بعده أو علم ينتفع به " ١. فهذه الثلاثة في الحقيقة من سعيه وكده وعمله كما جاء في الحديث "إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه " ٢ والصدقة الجارية كالوقف ونحوه هى من آثار عمله ووقفه، وقد قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} والعلم الذي نشره في الناس فاقتدى به الناس هو أيضا من سعيه وعمله، وثبت في الصحيح "من دعا إلى هدى كان له من الأجرمثل أجورمن تبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيئا" ٣.

تفسير الإمام الشوكاني:

قال رحمه الله عند قوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى} والمعنى ليس له إلا أجر سعيه وجزاء عمله ولا ينفع أحدنا عمل أحد. وهذا العموم مخصص بمثل قوله سبحانه: {أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} وبمثل ما ورد في شفاعة الأنبياء والملائكة للعباد، ومشروعية دعاء الأحياء للأموات ونحو ذلك. ولم يصب من قال إن هذه الآية منسوخة بمثل هذه الأمور، فإن الخاص لا ينسخ العام بل يخصه، فكل ما قام الدليل على أن الإنسان ينتفع به وهو من غير سعيه كان مخصصه لما في هذه الآية من العموم اهـ.


١ رواه مسلم.
٢ وسنده صحيح (مم) .
٣ رواه مسلم وتمامه: "ومن دعا إلى ضلالة، كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا".

<<  <   >  >>