للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نحن نعلم تماما أية قوة عمياء تسند البياتي ونواجهها نحن ونتحداها، ولكنا قد آلينا على أنفسنا ألا نسمح لأية قوة في الأرض أن تهين المثل التي نؤمن بها والقيم التي لأجلها نحيا " (١) . وانتهت هذه الفورة إلى سكون واكتفى خصوم البياتي بأن نشروا في الآداب ما عدوه تعبيرا لا عن سخطهم وحسب بل عن سخط جميع الأوساط الأدبية " على اختلاف نزعاتها واتجاهاتها الفنية " على مقالة البياتي " لما فيها من تجريح متهافت كشف القناع عن زيف كاتبها وأبان عن عقلية لا ترقى في أسلوبها عن الأساليب البوليسية العتيقة في إلصاق التهم والافتراءات إذا ما اوعزتها الحجة؟ " (٢) .

في ذلك الجو المتلبد بتهم العمالة والجاسوسية والخيانة والزيف والأساليب البوليسية تبلورت قصيدة " المخبر " التي يصور فيها السياب نفسية جاسوس؛ وكان ينوي إذا نشرتها الآداب أن يفتتحها بهذه العبارة: " الجاسوس يفتري على اختيار أناس ويلصق بهم التهم الباطلة والأكاذيب، وأقرب الناس إليه وأشبههم به من داس على ضميره فاتهم الوطنيين بالخيانة وأكل لحم أخيه ميتا " (٣) ، فلما نشرت القصيدة في الآداب لم يكتب تحت عنوانها إلا الآية القرآنية " أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا " (٤) ، ولما أدرجت في ديوان أنشودة المطر لم تظهر الآية مرافقة للعنوان (٥) .

ومن الطبيعي أن تسترعي هذه " الملائكة " انتباه المهتمين بالقضايا الأدبية، وأن يبدو السياب فيها؟ إلى جانب رفاقه وإزاء خصومه -


(١) رسالة بتاريخ ١٧/٧/١٩٥٤.
(٢) الآداب، عدد أيلول ١٩٥٤، ص: ٧١ - ٧٢.
(٣) من رسالة إلى الدكتور إدريس ١٧/٧/١٩٥٤.
(٤) الآداب، عدد تشرين الأول ١٩٥٤ ص: ٢٤.
(٥) انظر الديوان المذكور: ٣٢.

<<  <   >  >>