للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من إيراد الجمل المعترضة، فبينما يظن الشاعر أن الجملة المعترضة توضيحية، إذا بها تؤدي غير ما جاءت له لأنها تنقل القارئ من السياق العام إلى التأمل في حقيقة جانبية استطرادية، والإكثار من الجمل المعترضة سمة ذهنية في واقع الأمر على التزاحم العبارة في الذهن بين تقديم وتأخير وفصل ووصل، وقد تصلح لتصوير الاضطراب النفسي ولكن كثرة المعترضات تصبح نوعا من المعاظلة التي كرهها نقاد العرب في القديم، ومن الأمثلة النموذجية على ذلك قول الشاعر (١) :

والآن عادوا ينقضون - ... خيطا فخيطا من قرارة قلبها ومن الجراح ... ما ليس بالحلم الذي نسجوه، ما لا يدركون ... شيئا هو الحلم الذي نسجوا وما لا يعرفون ... هو منه اكثر كالحفيف؟ من الخمائل والرياح ... والشعر؟ من وزن وقافية ومعنى، والصباح ... من شمسه الوضاء؟. وانصرفوا سكارى يضحكون ... أما التعتيم الناشئ من اللمح السريع ومن رسم الخطوط الكبرى وترك التفصيلات في القصيدة فلا نجده كثيرا عند السياب، وقد كانت ابرز قصائده التي نحت هذا المنحى هي قصيدة " أغنية في شهر آب " ولم يحاول من بعد أن ينسج على منوالها، ولعل قصيدته " أغنية بنات الجن " (٢) و " متى نلتقي " (٢) يتمعنان بمسحة من التعتيم ولكنهما اقل مستوى من القصيدة السابقة، وربما كان سبب الانبهام فيهما عدم نضج التجربة في نفس الشاعر.


(١) المومس العمياء: ١٦.
(٢) الشناشيل: ٧٣.
(٢) الشناشيل: ٧٣.

<<  <   >  >>