للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القافية وصرامة الشطرين، والثاني مصطلح " الشعر العمودي " في الدلالة على كل ما عداه، وأنا أرى أن كلا المصطلحين قاصران، فأما الشعر الحر؟ وهو المصطلح الذي قبلته نازك في كتابها " قضايا الشعر المعاصر " وهو أيضا الترجمة العربية للمصطلح الفرنسي vers libres (١) فليس حرا؟ بالمعنى المطلق - لأنه ما يزال يراعي رويا معينا وما يزال يخضع للإيقاع المنظم، خصوصا إذا شئنا أن نفصل بينه وبين ما يسمى " الشعر المنثور "، وهو فصل ضروري، فيما أرى، رغم إنكار الكثيرين لهذا الفصل (٢) . على أن إيجاد تسمية شاملة لهذا اللون من الشعر ليس بالأمر السهل، ذلك أنني كلما قرأت شعر شاعر وجدتني أشتق للحركة الشعرية تسمية مستوحاة مما قرأته: حين أقرأ أدونيس يلوح لي أن هذا الشعر؟ وأرجو أن يؤمن القارئ بأني جاد كل الجد - يسمى " المرايا الحارقة " وحين أقرأ بلند الحيدري يصبح اسم هذا الشعر " الحارس المتعب "، وإذا قرأت البياتي وجدت أن هذا الشعر اسمه " الأقنعة السبعة "، وعندما أنتهي من قراءة خليل حاوي أجد أوفق اسم لذلك الشعر: " عرس قانا الجليل فوق بيادر الجوع "، وتلم بي تهويمة وأنا أقرأ شعر محمود درويش فأظن ما قرأته يسمى " كيف تتحدث الريح الشمالية إلى البرتقال


(١) يميز الفرنسيون بين الشعر متحرر وشعر حر وقصيدة نثرية أو شعر منثور، ولكن الفصل الدقيق بين هذه الأشكال - بسبب طبيعة الأوزان في تلك اللغة ليس متيسرا دائما.
(٢) أن هذا الموقف، يعني تمييزا في التحليل النقدي بين الشعر الذي يعتمد إيقاعاً منتظما والشعر المنثور، وقد حاولت في هذا الكتاب أن اقصر شواهدي على النوع الأول، ما عدا استثناءات قليلة - ميزتها في مواضيعها - لأن الشاهد فيها قوي الدلالة على الفكرة التي أعالجها لا على المستوى الشعري الفني.

<<  <   >  >>