للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ادموند غوس ابناً لرجل عالم متدين وأم متدينة؛ ومنذ البدء نذره هذان الأبوان، للحياة الدينية الخالصة، وعودا نفسه الوقوف عند الحدود الصارمة، والاكتفاء بالكتب الدينية التي يريانها مفيدة له، وإبعاد كل ما قد يقربه إلى حب الحياة الدنيا من كتب ولدات؛ وفي الثانية عشرة من عمره كان أبوه قد " عمده " في المذهب الذي يعتنقه، واعتبره مسؤولاً عن توجيه الاتباع وهدايتهم، وقراءة الصلوات لهم، وهو يصف تدرج نفسه وتفتحها، واصطدامها بهذا الواقع الذي رسمه أبوه مرحلة مرحلة، موضحاً إلى جانب هذا التغير النامي، قوة الثبات، بل التراجع، في نفسية أبيه، وانقطاعها عن العالم، وازدراء الشهرة، والتوفر على شؤون المذهب، والارتياح لكل بادرة من التغير تظهر في أعمال ذلك الابن وأقواله. ولما وضح أن الابن أخذ يضيق ذرعاً بالتزمت، وتتجه نفسه إلى الأدب والحياة بأقوى من اتجاهها إلى الدين، وتحاول أن تستكشف العوالم التي أخفاها ذلك الخناق الضيق في النظرة والنشأة، عمل الأب؟ في فزع لا يخفى؟ على أن يوجهه فيما يعتقده أنه الطريق السوي، ناسياً أن " التدين ليس أمراً وراثياً وإن ظل يرجو أن يحققه عن طريق القهر " (١) . وأخيراً، كتب لابنه رسالة يقول فيها " عندما جئت إلينا في الصيف، وقعت علي نازلة ثقيلة، فقد استكشفت مدى ابتعادك عن الله. لا أقول إنك استسلمت للتيار القوي من


(١) Father and Son p. ٢٩٤.

<<  <   >  >>