للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد يذكر القراءة الشاذة على وجه الإنكار، ومن ذلك قوله: "حكى أبو حاتم (السجستاني) عن هارون القارئ أن الأعمش قرأ {وما كان صلاتَهم عند البيت إلا مكاءٌ وتصديةٌ} ٢ فنصب الصلاة ورفع المكاء والتصدية، وهذا من شواذ القراءات" ٣.

قال السمين ٤: "وخطّأ الفارسي هذه القراءة، وقال: لا يجوز أن يخبر عن النكرة بالمعرفة إلا في ضرورة..."

وقد حاول ابن جني توجيه هذه القراءة ودفع القبح أو اللحن عنها ٥.

موقفه من القياس والسماع:

"إنما النحو قياس يتبع". ولهذا قيل في حد النحو ٦: "إنه علم بمقاييس مستنبطة من استقراء كلام العرب".

وقد اعتنى النحاة بالقياس في بناء قواعدهم النحوية، كما اهتم به خطّاب المارديّ في توجيه الآراء والمذاهب النحوية.

ومن ذلك في باب ما لا ينصرف للعلمية والتأنيث، قال خطاب في الترشيح ٧: "ما لا علامة فيه فبعض النحويين يجريه مجرى ما فيه الهاء، ولا يصرفه معرفة، قلّت حروفه أو كثرت، ويصرفه نكرة، وهو القياس..."

وقد يتبع خطاب القياس فيرى رأياً حسنا في القياس، ولكنه مخالف لآراء العلماء، فيؤثر الاتّباع على الابتداع، والالتزام برأي الأئمة، وهذا تواضع منه واحترام للعلماء.

ومن ذلك في باب أفعال المقاربة، في نحو قولك: عسى أن يقوم زيدٌ. قال أبو بكر خطّاب ٨: " (أن يقوم) : فاعل (بعسى) , هذا قول النحويين، وقد كان عندي قياساً أن يكون مفعوله توسط بين الفعل وفاعله، كما تقول: يريد أن يضربك زيدٌ. المعنى: يريد زيدٌ أن يضربك. وجاز أن يتوسط مفعول (عسى) ، كما توسط خبر (ليس) في قولنا: ليس قائماً زيدٌ.


١ المحتسب ١/٢٢٩, انظر التبيان للعكبري ١/٥٤١.
٢ سورة الأنفال آية ٣٥.
٣ تذكرة النحاة ٢٨٧.
٤ الدر المصون ٥/٦٠٢.
٥ المحتسب ١/٢٧٩.
٦ الاقتراح ٩٤.
٧ ارتشاف الضرب ١/٤٤٠.
٨ ارتشاف الضرب ٢/١٣٢.

<<  <   >  >>