للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ} ١، وقال - تعالى -: {يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَاللهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً يُرِيدُ اللهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً} ٢.

ثم هو - سبحانه - لم يخلق عبادَه لحاجة منه إليهم، ولا ليتكثَّر بهم من قلّةٍ، ولا ليتعزَّز بهم من ذِلَّة، بل كما قال - سبحانه -: {وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِن رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ إِنَّ اللهَ هُوَ الرَزَّاقُ ذُو القُوَّةِ المَتِينِ} ٣، وقال - سبحانه - عقِب أمره لعباده بالصدقة ونهيهم عن إخراج الرديء من المال: {وَلاَ تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَنَيٌّ حَمِيدٌ} ٤، فهو - سبحانه - غنيٌّ عما ينفقون أن ينالَه منه شيء، حميد مستحقٌّ المحامد كلّها، فإنفاق العباد لا يسدُّ منه حاجة ولا يوجب له حمداً، بل هو الغنيُّ بنفسه، الحميد بنفسه وأسمائه وصفاته، وإنفاقُ العباد نفعه عائدٌ لهم وإحسانهم عائدٌ إليهم، كما قال - سبحانه -: {إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} ٥، وقال: {وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ} ٦، وقال: {مَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا} ٧"٨.


١ سورة: البقرة، الآية: (١٨٥) .
٢ سورة: النساء، الآيات: (٢٦ - ٢٨) .
٣ سورة: الذاريات، الآيات: (٥٦ - ٥٨) .
٤ سورة: البقرة، الآية: (٢٦٧) .
٥ سورة: الإسراء، الآية: (٧) .
٦ سورة: الروم، الآية: (٤٤) .
٧ سورة: يونس، الآية: (١٠٨) .
٨ انظر: طريق الهجرتين لابن القيّم (ص:٢٣١ - ٢٣٧) .

<<  <   >  >>