للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويلقيها ماض إلى غابر، حتى نجز أمر الله ووعده وبهر نوره وكلمته، وأظهر حجته، وأضاء عمود الدين بالأئمة المهتدين، وقطع دابر الكافرين، {ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المشركون} حتى يرث الله الأرض ومن عليها وإليه يرجعون. وإن أحق ملك أن يكون من عند الله وأولاه وأخلقه أن يكنفه الله بحراسته وحياطته ويحفه بعزه وأيده ويجلله بهاء السكينة في بهجة الكرامة ويجعله بالبقاء والنجاة ما لاح فجر، وكر دهر، ملك إمامة عادلة خلفت نبوة، فجرت على رسمها وسنتها، وارتسمت أمرها، وأقامت شرائعها، ودعت إلى سبلها، مستنصرة بأيدها، منتجزة لوعدها، وإن يوماً واحداً من إمامة عادلة خير عند الله من عمر الدنيا تملكاً وجبرية.

ونحن نسأل الله تعالى أن يديم نعمه علينا وإحسانه إلينا بشرف الولاية ثم لحسن العاقبة بما وفر علينا فخره وعلاه ومجده وإحسانه، إن شاء الله وبه الثقة، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وأما الفداء ورأيك في تخليص الأسرى، فإنا وإن كنا واثقين لمن في أيديكم بإحدى الحسنيين، وعلى (١) بينة لهم من أمرهم وبيان من حسن العاقبة وعظم المثوبة، عالمين بما لهم، فإن فيهم من يؤثر مكانه من ضنك الأسر وشدة البأساء على نعيم الدنيا ولذتها، سكوناً إلى ما يتحققه من حسن المنقلب وجزيل الثواب، ويعلم أن الله قد أعاذه من أن يفتنه ولم يعذه من أن يبتليه (٢) . وقد تبينا في ذلك مع هذا الباب ما شرعه لنا الأئمة الماضون والسلف الصالحون، فوجدنا ذلك موافقاً لما التمسته وغير خارج عما أحببته، فسررنا بما يتيسر منه، وبعثنا الكتب والرسل إلى عمالنا في سائر أعمالنا، وعزمنا عليهم في جمع كل من قبلهم واتباعهم بما وفر الإيمان بإنقاذهم، وبذلنا في ذلك كل ممكن، وأخرنا إجابتك عن كتابك ليتقدم فعلنا قولنا وإنجازنا وعدنا، ويوشك أن يكون قد ظهر لك من ذلك ما وقع أحسن الموقع منك، إن شاء الله.

وأما ما ابتدأتنا به من المواصلة واستشعرته لنا من المودة والمحبة، فإن عندنا من مقابلة ذلك ما توجبه السياسة التي تجمعنا على اختلاف المذاهب، وتقتضيه


(١) هذا قد مر من قبل مع اختلاف يسير.
(٢) هذا قد مر من قبل مع اختلاف يسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>