تفسيره عبد، دعي به ملك الملوك. فعرف الراضي فقال: لا نبخل عليه بهذا، اكتبوا له بذلك، وكان هذا بعقب خلع أنفذها الراضي إليه، وطوق وسوارين، وزينت الأسواق فطاف المدينة.
وفي هذه السنة عاد أصحاب مالك والشافعي إلى القتال في المسجد العتيق، وكان في الجامع للمالكيين خمس عشرة حلقة، وللشافعيين مثلها، ولأصحاب أبي حنيفة ثلاث حلق، فلما زاد قتالهم أرسل الإخشيد ونزع حصرهم ومساندهم وأغلق الجامع، وكان يفتح في أوقات الصلوات، ثم سئل الإخشيد فيهم فردهم.
وفي أول سنة ست وعشرين أرسل الراضي إلى مصر يستدعي الفضل ابن جعفر للوزارة، وأنفذ له خلعاً فامتنع أن يلبسها، فحدثني ابنه أبو الفضل قال: ركب الإخشيد بنفسه إليه وألزمه لبسها، فألبسه إياها الإخشيد بيده، ثم قام أبي فصلى ركعتين والإخشيد قائم متكىء على سيفه، ثم تجهز للمسير فشيعه أهل مصر، ورحل إلى الشام ثم سار إلى العراق، وخلف ابنه أبا الفضل بحمص، فلما بلغ الرقة لقيته خلع الوزارة فلبسها، ودخل بغداد ونظر في الأمور ودبرها، ورأى الأمور مضطربة فاستأذن الراضي في المسير إلى الشام ومصر ليحمل الأموال ويكشف الأعمال. واستخلف عبد الله بن عليّ بن المغربي وسار إلى الشام، فتوفي بالرملة لثمان خلون من جمادى الأولى سنة سبع وعشرين، وجاء نعيه إلى الإخشيد فقلق لذلك وجلس للتعزية. وكان محمد بن عليّ الماذرائي عنده بالرملة فأرسل الإخشيد فحمله إلى مصر، وقد كان أقام بالرملة في دار الفضل أبي جعفر ثلاث سنين وثمانية أشهر، فلما وصل إلى مصر أنزله الإخشيد معه في داره.
ولما بلغ الراضي وفاة الفضل بن جعفر حزن لذلك، وأقر الوزارة بحالها، وكتب إلى الإخشيد يعزيه بالفضل بن جعفر ويأمره بإنفاذ ابنه جعفر بن الفضل إلى موضع أبيه فدافع الإخشيد بذلك وأعتذر. وأقامت الوزارة شهرين، وكتب الراضي إلى جعفر بن الفضل كتاباً يستدعيه للوزارة، وكان خليفته ببغداد عبد الله بن محمد المغربي، وخليفته على مصر محمد بن عبد الرحمن الروذباري، وخلفاؤه بالشام على حالهم، والكتب تنفذ باسمه كما كانت في حياته. فلما يئس الراضي من