ابن رائق على أن يحمله الإخشيد إلى ابن رائق متى توافقا عليه.
وخرج ابن رائق عن الرملة، وعاد الإخشيد إلى مصر فسر برجوعه الناس، وكانوا زينوا له الطرق والأسواق فلم يطف المدينة، وكان هذا يوم الخميس فأقرت الزينة على حالها، فلما كان من الغد ركب إلى الجامع العتيق لصلاة الجمعة وكان يوماً عظيماً.
وقبض الإخشيد على محمد بن عبد الرحمن الروذباري الكاتب وصادره بسبب كلام خاطبه به في محمد بن رائق، فإنه شاوره فأشار عليه فخالفه فقال له: فيك أيها الإخشيد خلتان مذمومتان: البخل والجبن، وما يتم لك معهما شيء إلا بالإقبال، فحقد عليه وصادره بعد أيام وكان خليفة الفضل بن جعفر.
وفي رجب سنة ثمان وعشرين أطلق الإخشيد أبا بكر محمد بن عليّ الماذرائي واستوزره، واستكتب ابنه الحسين بن محمد وخلع عليه وصرفه إلى داره، فمشى بين يديه أهل الدولة وابنه الحسين خلفه بالخلع، ومشى الشريف أبو جعفر مسلم بين يديه حتى حلف عليه فركب، ومشى الأشراف وسائر الناس. وكان الإخشيد يعامله في اعتقاله أربع سنين وتسعة أشهر بكل جميل، ورد إليه الإخشيد التدبير بمصر والشام، وألزمه لبس الدراعة ونزع الطيلسان، وكان لا يصدر إلا عن رأيه، ولا يخليه من حضور مجلسه، ويقول للناس إذا انصرف: كم قبلت يده ووقفت بين يديه.
وكان القائم بأمر الله لما انصرفت عساكره بالإسكندرية اختار أن يستعطف الإخشيد ويصطنعه، وكان محمد بن عليّ الماذرائي وهو في قبضة الفضل بن جعفر قد اتهم بمكاتبة القائم، وأنه استدعى منه العساكر وحسن له رأيه. وكتب القائم إلى الإخشيد كتاباً قرأه على خاصته، ورقعة بخطه لم يقف عليها أحد، وكانت نسخة الرقعة: قد خاطبتك أعزك الله في كتابي المشتمل على هذه الرقعة بما لم يجز لي في عقد الدين وما جرى به الرسم من سياسة أنصار يستجلبون، وضمنت رقعتي ما لم يطلع عليه أحد من كتابي وذوي المكانة عندي، وأرجو أن تردك صحة عزيمتك وحسن رأيك إلى ما أدعوك إليه، فقد شهد الله على ميلي إليك، وإيثاري