لك، ورغبتي في مشاطرتك ما حوته يميني واحتوى عليه ملكي، وليس يتوجه لك العذر في التخلف عن إجابتي لأنك قد استفرغت مجهودك في مناصحة قوم لا يرون إحسانك ولا يشكرون إخلاصك، يخلفون وعدك ويخفرون ذمتك، لم يعتقد منهم أحد حسن المكافأة ولا جميل المجازاة، وليس ينبغي لك أن تعدل عن منهج من نصحك، وإيثار من آثرك إلى من يجهل موضعك، ويضيع حسن سعيك، وأنا أعلم أن طول العادة في طاعتهم قد كره إليك العدول عنهم، فإن لم تجد من نفسك معونة على اتباع الحق ولزوم الصدق فإني أرضى منك بالمودة والأمر والطاعة حتى تقيمني مقام رئيس من أهلك، تسكن إليه في أمرك، وتعول عليه بمثل ذلك. وإذا تدبرت هذا الأمر علمت أن الذي يحملني على التطأطئ لك وقبول الميسور منك إنما هو الرغبة فيك، وأنت حقيق بحسن مجازاتي على ما بذلته، والله يريك حسن الاختيار في جميع أمرك، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
فلما وقف الإخشيد على هذه الرقعة، احتج إلى الرسول بأنه لا يقرأ ولا يكتب، ولا يجوز له أن يبوح بما في نفسه إلى كاتب، إذ كان الصواب يقتضي ذلك، ثم قال: وأنا أتدبر الجواب فأجيب عنه ويصل مع من أثق به، وأسلك من حسن الموالاة ما لم يكن غيري يسلكه.
ثم بلغ الإخشيد مسير محمد بن رائق من العراق إلى أعمال الإخشيد ووصوله إلى الرملة، وأن الراضي قلده، فاغتاظ وكتب إلى خليفته ببغداد عليّ بن أحمد العجمي بإخبار الراضي بمسير ابن رائق: فإن كان أمير المؤمنين قلده سلمت له، أو يأمرني بالقتال، فإني قد صالحته وأرضيته وما رضي. فدخل ابن العجمي على الراضي وأخبره، وبجكم بين يديه، وقال له: والأعمال أعمالك يا أمير المؤمنين فأمر عبدك الإخشيد بما يكون عمله بحسبه، فما نطق الراضي بحرف، فقال بجكم: من ضرب بالسيف وهزم صاحبه فالعمل له، فكتب ابن العجمي لوقته بذلك إلى الإخشيد،، فصرع وثارت به السوداء.
فحدثني بعض الوجوه بمصر فال، قال لي عمر بن الحسن العباسي الخطيب بمصر: دعاني الإخشيد يوماً فقال لي: إذا كان يوم الجمعة فأقم الدعوة لأبي