القاسم صاحب المغرب وأسقط الدعوة للراضي حتى يعلم [من] محمد بن طغج، قال عمر بن الحسن، فقلت: كما يأمر الإخشيد. فغدوت إليه ثانية واستأذنته وقلت: لعله يرجع، فقال: نعم، فلم أزل على هذا ثلاثة أيام إلى يوم الخميس، فاتهمت أن يكون أبو الحسين محمد بن عبد الوهاب، وكان رجلاً جزلاً جيد الرأي شيعياً، قد حسن له هذا الرأي، لأنه أقام في اعتقاله سبع سنين، وكان كما أطلقه واختص به. فجئت إلى ابن عبد الوهاب وخلوت به وحدثته فقال: إن السوداء ربما ثارت به، أفعاودته؟ فقلت: قد عاودته أربعة أيام. فقال لي: أنا أخلو به كل جمعة بالغداة، فارفق به وقل: أين أعمل الذي أمرتني به: في جامع أسفل أو في جامع ابن طولون؟ وخلني وإياه. قال عمر بن الحسن: فجئت إليه ورفقت به وقلت: أيها الأمير، الذي أمرتني به أين أعمله؟ في الجامع العتيق أم جامع ابن طولون. فقال له ابن عبد الوهاب: أيش هذا الذي تعمل؟ فقال الإخشيد: شيء، فقال ابن عبد الوهاب: الله المستعان، شيء يعمل على المنبر يكتم وبعد ساعة يعلم به الجمهور! فقال له: قد تأذبت بالراضي وبهذا الصبي ابن رائق، وقد أمرت الخطيب أن يدعو لأبي القاسم صاحب المغرب، فقال له: وفق الله الإخشيد، فلقد وضعت الصنيعة في موضعها، ولقد أخبرت أنه في الحزن على أبيه إلى الساعة، وما جلس في مرتبته إلا حزيناً كئيباً، ولا جدد ثوباً، وهو من الشرف والملك على ما سمعت، والحمد لله الذي جعل رجوع هذا الأمر إلى أهله وعلى يدك، فاستبشر الإخشيد وأسفر وجهه، ثم التفت ابن عبد الوهاب إلى الخطبي وقال له: اقرأ الذي عملت، قال: ما عملت شيئاً، قال ابن عبد الوهاب: تؤمر مذ خمسة أيام بهذا الأمر فلم تعمل فيه شيئاً؟! فقال الإخشيد: أيش يعمل؟ قال: يحتاج إلى نحو خمس أوراق كلاماً معمولاً في فضل النبي صلى الله عليه وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين وأهل البيت عليهم السلام، ويذكر أنهم أحق بالإمامة، ويقول ذلك والناس يسمعون، فمن كان يشتهي هذا قويت نفسه ومن كرهه انحل. فقال له الإخشيد: اعمله، فقال لي ابن عبد الوهاب: تلحق اليوم؟ (١) فقلت: لا، الجمعة الأخرى؟
(١) يشتبه أن يكون من اللغة الدارجة، ومعناه: هل تستطيع أن تنجز ذلك اليوم؟