للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في نظري أقرب إلى المعنى لأن التتمة " فما لأهل العشق لاح " وانعدام اللواحي يدل على موت العذل أكثر من الدلالة على هوانه؛ ومع ذلك أرى أن " يهون " قراءة جيدة.

(٣) وقد قطفت شهداً مدمة ثغره: قرأتها " وقد قطبت " بمعنى " مزجت " وأشرت إلى الأصل، لأني أخشى أن تكون " قطبت " محض تحكم، إذ إن في " قطفت " رائحة ولو يسير من معنى.

ذلك ما أرتئيه؟ بوجه عام؟ لأني أعتقد أن الاقتصاد في الحواشي، وهي اشمل اختلاف القراءات والتخريجات والتعليقات وأحياناً التعريف بالأعلام والأماكن، قاعدة ضرورية في التحقيق، وربما لم ينصح المبتدئ بالحسم البات في وجوه القراءة من أول الشوط، فكثيراً ما رأينا أساتذة ممن يعدون كباراً يخطئون في الأوليات، وإني لأذكر أستاذاً كبيراً حقق كتاباً فقرأ " كحمر الغضا " بدلاً من " كجمر الغضا " وشرح ذلك في الحاشية؛ وهذا جهل لا يقاس عليه. ولكن ليس من جحق ذلك المبتدئ أن يفرش أوليات التحقيق على غير المبتدئين.

وبعد، فهذه هي الطبعة الثانية (١) مزودة بتصحيحات ضرورية وتعليقات وتخريجات جديدة، أفادنيها إطلاعي على ما جد ظهوره من مصادر. وقد أفدت فيها أيضاً من قراءات الأستاذ حسنين، فقد كان دقيقاً في التحري، حتى لقد حاسبني على الأخطاء المطبعية، وحسناً فعل، لأنه نبهني إليها لأتداركها في هذه الطبعة؛ وبالجملة يدل عمله على أنه كان محققاً واعداً، وأن معرفته باللغة معرفة جيدةً وهذا ما يجعلني أتساءل: أين هو الأستاذ حسنين؟ أين ما كان ينبئ به عمله من اهتمام بالتراث تحقيقاً وضبطاً؟ لماذا اختفى من دنيا العلم؟ لماذا كانت


(١) بين ظهور الطبعة الأولى والثانية فجعت بفقد صديقي العلامة الأستاذ محمد بن ثاويت الطنجي باستانبول (سنة ١٩٧٣) . وفجع العالم العربي والإسلامي بعالم من خيرة العلماء والمحققين. لقد كان تحقيقي لهذا الكتاب بحافز منه، فهو الذي أهداني منه ميكروفيلم - كما ذكرت ذلك في مقدمة الطبعة الأولى - فقد كان سمحاً سخياً يخدم التراث في صمت ونزاهة نفس، طيب الله ثراه.

<<  <   >  >>