على البر والتقوى قال تعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} فأمر بتنمية الخير وتكثيره وبإماتة الشر وتقليله، وأمر بالأسباب التي تجلب الخير ومودة المسلم لأخيه، ونهى عن الأسباب التي تجلب العداوة والبغضاء، مما يدل على أن الإسلام مبني على وجوب التآلف بين أهله والاجتماع عليه، وتحريم الفرقة والاختلاف.
فلهذا حرم السب والسخرية واللمز والتنابز بالألقاب، وما أشبه ذلك مما يسبب الفرقة بجلب العداوة والبغضاء وتنافر القلوب.
وحرم الأفعال الداعية إلى ذلك ففي الصحيحين عن ابن مسعود أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال:"سباب المسلم فسوق وقتاله كفر".
وقال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} فهذه الأمور التي نهى عنها وهي السخرية واللمز والتنابز بالألقاب, هي مما يوغر الصدور ويحدث البغضاء الداعية إلى التقاطع والاختلاف وتفرق القلوب والأفكار ثم تفرق الأبدان.
وأمر بعكس ذلك مما يدعو إلى الألفة والمحبة كطيب الكلام، ولين الجانب وإفشاء السلام، والدعاء بأحسن الأسماء وأحبها إلى المدعو، والهدية، وما أشبه ذلك مما يجلب المحبة، ويجمع القلوب، ويشعر بالأخوة الصادقة.
وهذا لا ينافي لزوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن المقصود منه رحمة الخلق وامتثال أمر الله تعالى وقد قال تعالى:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} قال أبو هريرة: "كنتم خير أمة أخرجت للناس، تأتون بهذا في الأقياد والسلاسل تدخلونهم الجنة".
فهذه الأمة خير الأمم لبني آدم، فإنهم يعاقبونهم بالقتل والأسر، وسبي الأموال والأولاد، ومقصودهم بذلك الإحسان إليهم، وسوقهم إلى كرامة الله تعالى ورضوانه من دخول الجنة، والحيلولة بينهم وبين النار، عكس ما يفعله النصارى والملحدون, الذين يجهدون أنفسهم ويبذلون أموالهم يبعدون بذلك الناس عن الله تعالى وهدايته، ويكرهون إليهم لإسلام بما يظهرونه من تشويه للإسلام وأهله.
وكذا إذا رد المؤمن على أهل البدع، فإنه يجب أن يكون مقصوده بيان الحق وهداية الخلق، ورحمتهم والإحسان إليهم، وإذا بالغ في ذم بدعة أو معصية فينبغي أن يكون قصده