للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والخوف من توقع القواطع شديد، ومجال التقية من فوات البقية (١) عريض مديد، لكن الأمل يشب مع الشبيبة، وعين الحريص تعمى عن تصور الخيبة، والطمع يحث على انتهاز الفرصة، قبل أفول القرصة، والنفس تقول: قنعنا ولو بإلمام، وطل عن غمام، وبسلام من طويل كلام، ومن لنا بالنظر إلى تلك الوجوه المشرقة المقسمات، السافرة عن كرائم السمات، من قبل الممات، واجتلاء تلك المعاهد التي طاب ثراها، والمشاهد التي راق مراها، نسأل الله تعالى أن يتم علينا فضله باحتلالها، وتسكين الأشواق في ظلالها، ويقر العيون باجتلاء جمالها، والنفوس ببلوغ آمالها، من خير (١) كمالها.

ولما وقع العزم، وكاد يحذف العلل الجزم، وكاد الرسم أن يطوق القادم محل وسطه بتحفة قدوم، إن رائحة محروم، على قدر حاله، ووسيع انتحاله، وبضائع رحاله، وموازين خصبه أو امحاله، فتح بين يديه أبواب الأدلال قبل الاختلال، وتسبب الوسائل إلى أمد الكمال، ومطاوي الآمال، وكنا ارقنا بقايا المزاد، ونفضنا [٣ ا] ؟ (٣)

في الطريق فضلات الزاد، وردنا على الدنيا بعد الشبع من طحين ثفالها، وملء اليدين من ثقالها، ما بقي من أوضاع احتفالها، ورفعنا مخفف القماش فوق اكفالها، وأزمعنا وداعها طوعا لا اضطرارا، وأقرضنا صاغتها فرارا وازورارا، ولم نتبع حولها الالتفات، ولا أغرينا - والحمد لله - الندم على ما فات، فجعلت الهدية، من جنس ما تتشوف إليه النفوس الغنية، وتتجر في أسواقه الهمم السنية، من


(١) ج: البغية.
(١) ج: البغية.
(٣) بياض بقدر كلمة في د ج ك.

<<  <   >  >>