للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجاء في (ب - ف): (وليعزم المسألة: أي يجتهد في الطلب، وليعظم الرغبة: أي يكثر في دعائه من طلب ما يشتهيه).

١١ - عن أنس رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا دعا أحدكم فليعزم المسألة، ولا يقولن اللهم إن شئت فأعطني، فإنه لا مستكره له».

رواه أحمد والبخاري ومسلم والنسائي.

جاء في «فتح الباري» لابن حجر رحمه اللَّه تعالى (جـ ١١ ص ١٤٤، ١٤٥):

قوله: (باب ليعزم المسألة فإنه لا مكره له) المراد بالمسألة الدعاء، والضميران لله تعالى، أو الأول ضمير الشأن والثاني لله تعالى جزمًا. ومكره بضم أوله وكسر ثالثه ..

قوله: (فليعزم المسألة) في رواية أحمد عن إسماعيل المذكور «الدعاء» ومعنى الأمر بالعزم الجد فيه، وأن يجزم بوقوع مطلوبه ولا يعلق ذلك بمشيئة اللَّه تعالى، وإن كان مأمورًا في جميع ما يريد فعله أن يعلقه بمشيئة اللَّه تعالى. وقيل: معنى العزم أن يحسن الظن باللَّه في الإجابة.

قوله: (ولا يقولن اللهم إن شئت فأعطني) في حديث أبي هريرة المذكور بعده «اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت». وزاد في رواية همام عن أبي هريرة الآتية في التوحيد «اللهم ارزقني إن شئت». وهذه كلها أمثلة، ورواية العلاء عن أبيه عن أبي هريرة عند مسلم تتناول جميع ما يدعى به. ولمسلم من طريق عطاء بن ميناء عن أبي هريرة: «ليعزم في الدعاء» وله من رواية العلاء «ليعزم وليعظم الرغبة» ومعنى قوله: «ليعظم الرغبة» أي يبالغ في ذلك بتكرار الدعاء والإلحاح فيه، ويحتمل أن يراد به الأمر بطلب الشيء العظيم الكثير، ويؤيده ما في آخر هذه الرواية «فإن اللَّه لا يتعاظمه شيء».

قوله: (فإنه لا مستكره له) في حديث أبي هريرة: «فإنه لا مكره له» وهما بمعنى، والمراد أن الذي يحتاج إلى التعليق بالمشيئة ما إذا كان المطلوب منه يتأتى إكراهه على الشيء فيخفف الأمر عليه ويعلم بأنه لا يطلب منه ذلك الشيء إلا برضاه، وأما اللَّه سبحانه فهو منزه عن ذلك فليس للتعليق فائدة. وقيل: المعنى أن فيه صورة الاستغناء عن المطلوب والمطلوب منه، والأول أولى. وقد وقع في رواية عطاء بن ميناء «فإن اللَّه صانع ما شاء» وفي رواية العلاء «فإن اللَّه لا يتعاظمه شيء أعطاه» قال ابن عبد البر: لا يجوز لأحد أن يقول اللهم أعطني إن شئت وغير ذلك من أمور الدين والدنيا لأنه كلام مستحيل لا وجه له

<<  <   >  >>