قال الواحدي وغيره: أكثر المفسرين على أن المراد بلهو الحديث: الغناء.
وعن ابن عباس في قوله تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} قال: هو الرجل يشتري الجارية تغنيه ليلاً ونهارًا.
قال الواحدي: وهذه الآية على هذا التفسير تحرم الغناء، ثم ذكر كلام الشافعي في رد الشهادة بإعلان الغناء.
قال: وأما غناء القينات (يعني: الإماء والمغنيات) فذلك أشد ما في الباب، وذلك لكثرة الوعيد الوارد فيه وهو ما روي أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«من استمع إلى قينة صب في أذنيه الآنك يوم القيامة»(١) الآنك: الرصاص المذاب.
إذا عرفت هذا، فأهل الغناء ومستمعوه لهم نصيب من هذا الذم، بحسب اشتغالهم بالغناء عن القرآن، وإن لم ينالوا جميعه، فإن الآيات ذمت من استبدل لهو الحديث بالقرآن ليضل عن سبيل اللَّه بغير علم ويتخذها هزوا، وإذا تتلى عليه آيات القرآن ولى مستكبرًا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرًا وهو الثقل والصمم، وإذا علم من آياتنا شيئًا استهزأ بها، فمجموع هذا لا يقع إلا من أعظم الناس كفرًا، وإن وقع بعضه للمغنين ومستمعيهم، فلهم حصة ونصيب من هذا الذم.
يوضحه أنك لا تجد أحدًا عُنِيَ بالغناء وسماع آلاته، إلا وفيه ضلال عن طريق الهدى، علمًا وعملاً، وفيه رغبة عن استماع القرآن إلى استماع الغناء، بحيث إذا عرض له سماع الغناء وسماع القرآن عدل عن هذا إلى ذلك، وثقل عليه سماع القرآن، وربما حمله
(١) قال السيوطي في «الجامع الصغير»: رواه ابن عساكر عن أنس وهو ضعيف.