للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

للجعل، كهمزة "ما أحسن" والباء مزيدة في المفعول للتأكيد، وهو كثير١" نحو قوله تعالى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة} ٢ والمراد: أيديكم، ونحو: قرأت بالسورة، وأجاز بعض هؤلاء - وهو الزجاج- أن تكون الهمزة للصيرورة، فتكون الباء للتعدية، أي: أجعله ذا حسن، والأول أولى، لقلة همزة الصيرورة، إذ تكون نحو: نزلت بالجبل, أي: في الجبل، وذلك بعيد من الصواب٣.

٤- استدل أبو حيَّان في شرح التسهيل على أن الباء في موضع نصب بشيئين:

أحدهما: جواز حذفه اختصاراً، كقوله تعالى: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ} ٤.

واقتصاراً، كقول الشاعر:

فذلك إن يَلْقَ المنية يلقها ... حميداً، وإن يستغن يوماً فأجدِر

والآخر: أنهم لما حذفوا الباء نصبوا الاسم، كقول الشاعر:

لقد طرقت رحال الحي ليلى ... فأبعد دار مرتحل مزارا

وقول الآخر:

فأجدر مثلَ ذلك أن يكونا

أي: ما أبعد دار مرتحل مزارا، وما أجدر مثل ذلك٥.

بل تفارق الباء المتعجب منه إن كان (أن) وصلتها، فيجوز في "أجود بأن يكتب زيدٌ!: أجوِد أن يكتب زيدٌ!، منه:

وقال نبي المسلمين تقدموا ... وأحبب إلينا أن تكون المقَّدَّما٦

ولو كان ما دخلته الباء فاعلاً، ما حذف كما في الشاهد الأول، ولما نصب كما في الأمثلة بعده.


١ شرح الكافية ٢/ ٣١٠. وانظر شرح المفصل ٧/ ١٤٨.
٢ سورة البقرة آية ١٩٥.
٣ انظر شرح المفصل ٧/ ١٤٨، وشرح الكافية ٢/ ٣١٠.
٤ سورة مريم آية ٣٨.
٥ وقد تأول هذين البيتين من ذهب إلى أن المجرور ليس في موضع نصب، بأن قوله: "فأبعد دار مرتحل مزارا" يمكن أن يكون "أبعد" فيه دعاءً، على معنى: أبعد الله دار مرتحل مزارا عن مزار محبوبه، كأنه يحرص نفسه على الإقامة في منزل طروق ليلى، لأنه صار بطروقها مزاراً، وبأن "أجدر" أمر عار من التعجب، أي: اجعل مثل ذلك جديرا، وأجدر به، أي: اجعله جديراً بأن يكون، أي حقيقاً، وبأنه تعجب، ومثل في موضع رفع، وهو مبني لإضافته إلى مبني، مثل قوله تعالى: {إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} (الذريات: الآية ٢٣) في قراءة من فتح اللام، قال صاحب الدرر: "ولن أعثر على قائله" انظر الدرر اللوامع ٢/ ١٢٠، والمساعد (الحاشية) ٢/ ١٥١.
٦ المساعد ٢/ ١٥٠.

<<  <   >  >>