للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الرحمن بن إسحاق: قال الله عز وجل {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} ١ أفيكون محدثا إلا مخلوقا؟ فقلت له: قال الله عز وجل {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} ٢ فالذكر هو القرآن، وتلك ليس٣ فيها ألف ولام؟ قال: وكان ابن سماعة٤ لا يفهم ما أقول، فقال: ما يقول: قالوا: إنه يقول: كذا وكذا، وقال لي إنسان منهم: حديث خبّاب: يا هناه تقرب إلى الله بما استطعت فإنك لن تقرب إليه بشيء أحب إليه من كلامه٥، قلت: نعم، هو هكذا٦.

الثاني: مشهد جلده وتعذيبه:

قال الخليفة المعتصم: حدّوه اخلعوه، واسحبوه، قال: فأخذت ثم خلعت، ثم قال: العقابين٧ والأسياط، فجيء بعقابين وأسياط.

قال أبو عبد الله: وأنا أنظر، وكان معي شعر النبي [صلى الله عليه وسلم] ٨ أعطانيه ابن الفضل بن الربيع، وكان في صرة من قميص، فقال: انزعوا عنه قميصه ولا تخرقوه، ثم قال: ما هذا في ثوبه؟ فقالوا لي: ما هذا في ثوبك؟ قلت: هذا شعر من شعر النبي صلى الله عليه وسم، قال: صُيرت بين العقابين، فقلت: يا أمير المؤمنين، الله الله! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث" وتلوت الحديث٩، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم" ١٠؛ فبم تستحل دمي ولم آت شيئا من هذا يا أمير المؤمنين؟ الله الله! لا يكفي الله وبيني وبينك مطالبة، يا أمير المؤمنين! اذكر وقوفك بين يدي الله كوقوفي بين يديك، يا أمير المؤمنين! راقب الله، فكأنه أمسك ولم يترك١١، فقال ابن أبي دؤاد


١ سورة الأنبياء الآية ٢.
٢ سورة ص الآية ١.
٣ في الأصل: أليس.
٤ ابن سماعة: محمد بن سماعة بن عبيد الله هلال بن وكيع، كان إماما عالما صالحا بارعا، صاحب اختيارات وأقوال في المذاهب، وله المصنفات الحسان، ولي القضاء وتوفي سنة ٣٢٢?. (النجوم الزاهرة ج ٢ ص ٧١) والبداية والنهاية ج ١٠ ص ٣١٢) .
٥ مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي ص ٣٢٢ن وبدلا من هناه هنتاه.
٦ ذكر محنة الإمام أحمد ص ٤٨، ٥٠.
٧ العقابين: خشبتان يُشبَح الرجل بينهما للجلد (لسان العرب) .
٨ ناقصة في الأصل: صلى الله عليه وسلم.
٩ رواه الشيخان.
١٠ رواه الشيخان وأبو داود.
١١ لعل الصواب ما أثبتناه.

<<  <   >  >>