غير صحيح فإن له نظيراً في الشرع فقد ذكر الفقهاء في باب اللعان أنَّ الزاني إذا تاب وحسنت توبته لا يعود محصناً ولا يحد قاذفه بعد ذلك لبقاء ثلمة عرضه، فهذا نظير أن الكاذب لا يقبل خبره أبداً.
وذكروا أيضاً أنه لو قُذِفَ ثم زنى بعد القذف قبل أن يحد القاذف لم يحد لأن الله أجرى العادة أنه لا يفضح أحداً من أول مرة، فالظاهر تقدم زناه قبل ذلك، فلم يحد له القاذف، وكذا نقول فيمن تبين كذبه الظاهر تكرر ذلك منه حتى ظهر لنا، ولم يتعين لنا ذلك فيما روى من حديثه فوجب إسقاط الكل، وهذا واضح بلا شك، ولم أر أحداً تنبه لما حررته، وللهِ الحمد اهـ.
٣١٦ - أَوْ قَالَ: لا أَذْكُرُهُ، وَنَحْوُ ذا ... كَأَنْ نَسِي: فَصَحَّحُوا أَنْ يُؤْخَذَا
(ومن) شرطية أو موصولة مبتدأ (نفى) أي كذب صريحا (ما) أي الحديث الذي (يروى) بالبناء للمفعول أي ينقل عنه كما إذا روى ثقة عن ثقة حديثاً، وروجع المروي عنه فيه فنفاه صريحاً بقوله كَذَبَ عَلَيَّ، أو ما رويته (فالأصح) أي القول المختار عند المتأخرين وفاقاً لابن الصلاح والنووي والإمام فخر الدين، والأمدي، وهو مبتدأ خبره قوله (إسقاطه) أي إسقاط ذلك الحديث فلا يعمل به، والجملة جواب الشرط، أو خبر المبتدإ.
وحاصل المعنى: أنه إذا روى ثقة من الثقات حديثاً فنفاه المروي عنه لَمَّا رُوجِعَ فإن كان جازماً بنفيه بأن قال ما رويته أو كذب عَلَيَّ ونحوه فالمختار وجوب رده لتعارض قولهما كالَبَيِّنَتَين إذا تكاذبا فإنهما يتعارضان إذ الشيخ قطع بكذب الراوي، والراوي قطع بالنقل ولكل وجهة ترجيح.