للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بطنه وقال: استقد، قال فاعتنقه فقبل بطنه، فقال: ما حملك على هذا يا سواد، قال: يا رسول الله حضر ما ترى فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير"١.

وقد يسبق القتال التدريب وتعلم الرمي والمهارة فيه، فقد عرف عن المسلمين إجادتهم الرمي، وقد شكل الرماة عند المسلمين أهمية خاصة، ففي يوم أحد وضعهم الرسول صلى الله عليه وسلم على الجبل كغطاء أساسي لظهر المسلمين، وعند عبور المسلمين إلى المدائن عاصمة الفرس كانوا أمام الجيش يخوضون الماء وكانوا من أمهر الرماة، فإذا رموا أصابوا الهدف. فاهتم المسلمون بالاستعداد التام من كل ناحية لمواجهة العدو، وهو عمل لابد منه ليستحق به المجاهدون نصر الله.

وقد اهتم الخلفاء الراشدون بإعداد الجيش وتنظيمه إقتداءً بالرسول صلى الله عليه وسلم، وكان عمر ابن الخطاب أول من جعل الجند فئة مخصوصة، فأنشأ ديوان الجند للإِشراف عليه وتقييد أسمائهم ومقدار أرزاقهم وإحصاء أعمالهم. وكان ديوان الجند الذي استخدمه عمر بن الخطاب أكبر مساعد له في تحسين نظام الجند وضبطه في الإسلام، مما ساعد في تحسين استعداد المسلمين الكامل عند خروجهم للجهاد٢.

وفي ضوء ذلك اهتموا بأدوات الحرب والقتال، فاهتموا بالخيل المعدة للجهاد لأن في إعدادها لهذا الغرض فضيلة كبيرة، وتدرب عليها شباب المسلمين ومارسوا الرمي وهم على ظهورها اعتنوا بها عناية فائقة، وفي الحديث "الخيل معقود في نواصيها الخير إلىِ يوم القيامة، الأجر والمغنم"٣ وكان أغلب جيش المسلمين في كثير من الأحيان يتألف أساساً من الفرسان، بل إن جيش سعد بن أبي وقاص يوم المدائن كان كله من الفرسان٤.

وكان المسلمون يتسلحون بالدروع والسيوف والرماح كما استخدموا أسلحة أخرى كانت ذات أهمية في القتال، قال ابن سعد رحمه الله في حديثه عن غزوة أحد: "فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قد لبس لامته وأظهر الدرع وحزم وسطها بمنطقة من أدم من حمائل السيف واعتم وتقلد السيف والترس في ظهره" ٥ويعتبر السيف والدرع والرمح من الأسلحة الخفيفة، وكان للسيف أهمية خاصة عندهم.


١ ابن هشام، المصدر السابق، ج ١، ٢ ص ٦٢٦.
٢ علي إبراهيم حسن، التاريخ الإسلامي العام، ص ٥٣٥ (النهضة المصرية) .
٣ ابن حجر، المصدر السابق، ج ٦ ص ٥٦. أنظر الترمذي، صحيح الترمذي، باب الجهاد، شرح الإمام بن العربي المالكي، ج٧ ص١٨٦.
٤ ابن الأثير، المصدر السابق، ج ٢ ص ٥١٨.
٥ ابن سعد، المصدر السابق ج ٢، ص ٣٨.

<<  <   >  >>