اتصال المياه بين الشمال والجنوب، سببا في أن شبه الجزيرة العربية، كانت نقطة تغيير، في وسائل المواصلات، وفي ظهور الوساطة التي كتب للمسلمين أن يقوموا بها.. ولم يكن الأمر بالطبع مجرد التوسط الجغرافي على أهميته، وإنما كان الأمر أوسع وأعمق، فهو توسط من ناحية الطبيعة البشرية، ومن ناحية السلوك الإنساني، ومن ناحية الاعتدال في كل ما يصل بالمادة وهي أمور كلها اتصلت بطبيعة البيئة العربية. ومن هذه البيئة الوسط، انتشر الإسلام شرقا وغربا، وشمالا وجنوبا، بالبر والبحر على السواء.. وقد شاء الله سبحانه وتعالى، أن تستيقظ الجزيرة العربية في القرن الرابع عشر الهجري، الموافق القرن العشرين ميلادي، والقرن العشرون يعتبر أزهى قرون الحضارة في الغرب. شاء الله أن تقوم –في الجزيرة العربية
المملكة السعودية، على أساس القرآن الكريم، لا على أنه المادة الأولى أو الثانية من الدستور، كما تفعل كثير من الدول التي يقال عنها، عربية وإسلامية.
ولكن على أساس أنه هو كل شيء، في التعليم، وفي التوجيه، وفي الحكم، وفي السياسة، وفي الثقافة، وفي جميع نواحي الحياة.. وقد قامت في السعودية نهضة علمية وثقافية جبارة، جعلت الجامعات تعمل في إعداد كامل، لمؤتمرات إسلامية جامعة، مثل مؤتمر الفقه الإسلامي ومؤتمر العلم والتكنولوجيا، ومؤتمر الاقتصاد، ومؤتمر الشباب، ومؤتمر الدعاة ومؤتمر المساجد، ومؤتمر المذيعين، وصارت الجامعات والكليات ومعاهد العلم، تصدر صحفا، ومجلات ذات دراسة وعمق، معدة إعدادا يتفق مع ما وصلت إليه الطباعة من تقدم..
ولا شك أن هذا كله دعامة من دعامات الحضارة الإسلامية القائمة على الإسلام.. حتى لا يأتي إلينا مخرف من الشرق، أو من الغرب، فيقول إن حضارة الإسلام قد شاخت وهرمت.. شاء الله أن تظل تجربة الحكم بالقرآن الكريم، قائمة في أرض الجزيرة العربية، كما كانت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وعهد الخلفاء الراشدين..