للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في المعاش والمعاد. وهي عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها، وحكمة كلها. فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث. فليست من الشريعة، وإن دخلت فيها بالتأويل".

ويقول كاتب آخر١: "ولم يقطع عمر يد سارق أو سارقة في عام المجاعة. لأنه رأى أن هذه السرقة كانت لحفظ الحياة. وحفظ الحياة مقدم على حفظ المال. هذا، مع أن آية حد السرقة صريحة في الأمر بقطع يد السارق والسارقة دون قيد".

ونقف قليلا عند قول هذا الكاتب: دون قيد. لنقول له: لا. إن الآية صريحة في قطع يد السارق. ولكن بقيد، وهو النصاب والحرز وغيرهما من القيود التي جاءت بها السنة المطهرة والتي خصصت عموم الآية. ومن القيود – أيضا -: أن لا تكون السرقة لضرورة حفظ الحياة لأن المضطر مأذون بالأخذ فلا يكون سارقا. وإذا لم يكن سارقا، فكيف يقطعه عمر؟

وقول كاتب ثالث٢: "إذا استعرضنا ما قدمنا من الفروع المأثورة في رعاية المصلحة، وجدنا منها ما اعتبرت فيه المصلحة مع معارضتها للكتاب أو السنة أو القياس. فمن الأول: إسقاط عمر سهم المؤلفة قلوبهم. وذلك معرض لقوله تعالى: {وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ} ومنه إسقاط حد السرقة عام المجاعة محافظة على الأنفس. وذلك معارض لقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} .

ويقول أحد هؤلاء ٣- أيضا -: "وكان في مقدمة من فتح هذا الباب للمجتهدين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – وذلك في حوادث متعددة. ومن هذا القبيل: اجتهاد عمر – رضي الله عنه – عام المجاعة في وقف تنفيذ


١ مصطفى زيد: في كتابه – المصلحة في التشريع الإسلامي – فقرة ٢١.
٢ الأستاذ علي حسب الله. في كتابه – أصول التشريع الإسلامي – ص١٥٦
٣ معروف الدواليبي – المصدر السابق ص٣٢١-٣٢٢.

<<  <   >  >>