استدلالا بقوله تعالى١:{قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي} على خلاف في ذلك نجده مبسوطا في كتب الأصول.
وهكذا نرى: أنه لا حجة في وقوع النسخ في الشريعة الإسلامية على دعواهم: جواز تغيير الأحكام وإسقاطها. لأن التغيير والإسقاط من غير رسول الله - صلى الله عليه وسلم – لا يتوفر له نص شرعي يجوزه. والتغيير والإسقاط بغير نص شرعي ممنوع.
ثانيا: أما استدلالهم بالإجماع الواقع في زمن عمر – رضي الله عنه – على إسقاط نصيب المؤلفة قلوبهم. فلا حجة لهم به – أيضا – لأن عمر – رضي الله عنه – لم يسقط حكما ولم يعطل نصا. فإن عدم تطبيق النص، أو عدم تنفيذه لا يلزم منه إسقاطه أو تغييره وإنما كان ذلك لانعدام محله، وعدم موجبه.
فإن الله – سبحانه وتعالى – أمر بجلد الزاني، وقد لا ينفذ هذا الحكم مرة واحدة. لعدم وجود الزاني، ولا يصح مع ذلك القول: بأن حكما قد سقط، أو نصا قد عطل. وهكذا: في مسألة المؤلفة قلوبهم. فإنه لا نصيب للمؤلفة قلوبهم عند عدم وجود فريق من الناس يطلق عليهم هذا الاسم. فلا محل – والحالة هذه – لنصيبهم الذي نصت عليه الآية، ولا فرق بينهم وبين ابن السبيل مثلا في احتمال عدم وجوده وعند عدم وجوده. لا يتعلق به حكم كما هو معرف. وكذلك الغارم والعامل وغيرهما. وهذا هو ما وقع في زمن عمر –رضي الله عنه- فإن المؤلفة قلوبهم. لا يوجدون إلا إذا تألفهم الإسلام. وهو لا يتألفهم إلا إذا كان بحاجة إلى ذلك. فإذا انتفت الحاجة، لم يعد هناك من يتأليفه. فرأى أمير المؤمنين: انتفاء الحاجة إلى تآلف قلوب الأعداء بعد أن أصبح الإسلام ذا قوة وشوكة. فإعطاء المؤلفة قلوبهم –حينئذ- اعتراف غير صحيح بحاجة الإسلام إلى كف شر هؤلاء عن الإسلام الذي لم يعد بحاجة إلى ذلك.
وعمر –نفسه- لا يخالف في وجوب دفع أنصبتهم لو دعت الحاجة إليه، أو كان أمر الدولة الإسلامية