للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لم يكن محكماً من ناحية الشمال، وحتى مع علمهم بسوء أحوال المسلمين فقد نفد صبرهم، وتطلعوا إلى إنهائه والتخلص منه وبذلوا في ذلك أموالهم.

وهنا ما يدل أيضاً على سمو الروح المعنوية لدى المسلمين، وأنهم لا تُنَهْنِهُهُمْ الصعاب، ولا يغريهم بريق المال، وأنهم عندما يسيرون في جهادهم لأعداء الله تعالى وفق ما شرعه لهم على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فإنهم يرهبونهم، وتحصل لهم العزة، ويتصل حبلهم بالله سبحانه.

وفي هذا النص ما ينبئ عن تلاحم القيادة الإسلامية، واتحاد كلمتها أمام عدوها.

هذا وكشفت بعض النصوص عن وجود عناصر عربية نصرانية كانت تعيش في بلاد الروم وكانت تقاتل جنباً إلى جنب في صفوفهم، بل كان بعضهم شديداً على المسلمين؛ كما في قصة خالد بن عمير السلمي الذكواني في مبارزته وصراعه مع الرجل الإيادي أثناء فترة الحصار، والتي انتهت بأسْره، ثم بعثْه إلى هشام بن عبد الملك وهو بحرّان، فقتل بين يديه لما أصر على الكفر ١.

استغاثة اليون بملك برجان (البلغار Bulgar) ٢وما كان بينهم وبين المسلمين:

ولعل من أهم ما حدث أثناء فترة وقوف المسلمين على القسطنطينية


١ تاريخ دمشق ١٦/١٧٩، ومعجم البلدان ٣/٤٣-٤٤.
٢ ينحدر البلغار من أصول صقلبية على الراجح، وهذا ما يفسر تسمية بعض المؤرخين المسلمين لهم بالصقالبة، وهم قسمان: بلغار الفولجا (اتيل) شمال بحر الخزر، وبلغار الدانوب (الطونة) جنوب غرب القسطنطينية، وهؤلاء الأخيرون هم المعنيون هنا، وقد كان بلغار الدانوب يسمون ببرجان. انظر: ابن خرداذبة، المسالك والممالك ص ٢٥٧، وبارتولد، مادة (بلغار) في دائرة المعارف الإسلامية ٤/٨٨، والموسوعة العربية الميسرة ص ٣٩٨، والراجحي، العباسيون والبلغار ص ١٤، ١٥.

<<  <   >  >>