للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال تلميذه الونشريسي في فهرسته: " كان متقدما في الحديث حافظا له واقفا على أحوال رجاله وطبقاتهم ظابطا لذلك كله معتنيا به، ذاكرا للسير والمغازي والتواريخ والأدب، فاق في ذلك جلة أهل زمانه وألف في الحديث حاشية على البخاري في أربعة كراريس، وهي أنزل تواليفه، واستنبط من حديث " أبا عمير ما فعل النغير " مائتي فائدة، وله في التاريخ " الروض الهتون " وفهرسة شيوخه، وكان يسمع في كل شهر رمضان صحيح البخاري " قال: " وبالجملة فهو آخر المقرئين وخاتمة المحدثين " اه. مات سنة ٩١٩ بفاس، قلت: وقبره بها معروف إلى الآن بباب الحمراء.

وفهرسته تدل على شغف بالرواية عظيم لأنه أخذ وروى بفاس ومكناسعن أهلهما وعن الواردين عليهما من الآفاق، واستجاز مكاتبة لمصر من الحافظين السخاوي والديمي، واستجاز مكاتبة من تلمسان ابن مرزوق الكفيف، وناهيك بهذا في ذلك العصر، وسياق فهرسته وترتيبه فيها يدل على علم بالفن وبراعة فيه رحمه الله، ولما تكلم ابن عبد السلام الناصري في " المزايا " على عادة جده أبي عبد الله ابن ناصر من سرد البخاري في رمضان من كل سنة قال: " على عادة ابن غازي بفاس، إذ هو الذي ابتدأ سرده به ولازمه في رمضان فتابعه الشيخ وغيره على ذلك " قلت: ولازال الناس في فاس ومكناس وغيرهما من بلاد المغرب يعتنون بقراءة صحيح البخاري في شهر رمضان إلى الآن على سنة ابن غازي رحمه الله، وكان لسلفنا الكتانيين بذلك اعتناء كبير. وتعليق المترجم على الصحيح في نحو ثمانية كراريس في القالب الرباعي سماه " إرشاد اللبيب إلى مقاصد حديث الحبيب " قال في أوله: " أودعته نكتا يخف حملها، ويسهل إن شاء الله تناولها ونقلها، انتقيتها من كلام شراح البخاري، قال: وجعلته كالتكملة لتنقيح الزركشي فلا أذكر غالبا إلا ما أغفله ".

<<  <  ج: ص:  >  >>