للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

نزلت في أولي الأمر الذين كانوا على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يكن هناك أمراء ولا سلاطين، قال: "وما كان هناك إلا أهل الرأي من كبار الصحابة- عليهم الرضوان- الذين يعرفون وجوه المصلحة مع فهم القرآن ... " وهكذا يجب أن يكون في الأمة رجال أهل بصيرة ورأي في سياستها، ومصالحها الاجتماعية، وقدرة على الاستنباط، يرد إليهم أمر الأمن والخوف وسائر الأمور الاجتماعية والسياسية وهؤلاء الذين يسمون في عرف الإسلام أهل الشورى وأهل الحل والعقد ... ١.

فيفهم من هذا القول ومما ذكره الفقهاء أن أهل الحل والعقد هم المتبوعون في الأمة الحائزون على ثقتها ورضاها لما عرفوا به من التقوى والعدالة ٢.

أما علاقة أهل العقد والحل في الأمة فهي علاقة النائب والوكيل ٣ أما كيف ينالون هذه المنزلة فإن الأمة هي التي ترفعهم إلى هذه المنزلة باختيارها لهم صراحة أو ضمنا، وأن السوابق التاريخية تبين لنا وكالة أهل الحل والعقد عن الأمة في عصر الإسلام الأول- عصر الخلفاء الراشدين- كانت وكالة ضمنية لأنهم كانوا معروفين بتقواهم وإخلاصهم وكفاءتهم وعلمهم شهد لهم القرآن الكريم والنبي صلوات الله وسلامه عليه بالثناء العام والخاص عليهم، فما كان هناك من حاجة لقيام الأمة بانتخابهم وتوكيلهم عنها صراحة.

ومن المقاييس المهمة في معرفة نبل هذا العالم أو ذاك لثقة الجماهير رجوعُها إليه في الفتوى، وحضورها دروسه، وترددها على مجالسه، وأخذها برأيه، في أمور حياتهم المختلفة.

ومع ذلك فإننا إذا أخذنا في الوقت الحاضر بنظام الانتخاب المباشر لأهل الحل والعقد ضمن شروط يقرها الإسلام، منها أنه يجب أن تتوافر فيمن يرشح نفسه للانتخاب:

(أ) العدالة الجامعة لشروطها.

(ب) العلم.

(ج) الرأي والحكمة والخبرة ٤.

وإن مثل هذا الانتخاب على هذا النحو المذكور جدير بأن يترجم إرادة الأمة صراحة وتوكيلها لهؤلاء، وهو المناسب لعصرنا لأن إجازة التوكيل الضمني في هذا الزمن قد يفتح


١ تفسير المنار: للشيخ السيد محمد رشيد رضا (٧/١١) .
٢ أصول الدعوة للدكتور: عبد الكريم زيدان (١٩٩) وتفسير المنار (٥/١٨١) .
٣ المرجع السابق. (/‍١٩٩)
٤ الأحكام السلطانية للماوردي (٦) ، وأصول الدعوة لعبد الكريم زيدان (٢٠٠) .

<<  <   >  >>