للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

عبء تبليغ الدعوة الإسلامية، وتصحيح مفاهيم العقيدة. وسمّوا بالملثمين أو الملثمة لاتخاذهم لثاماً داكن اللون يغطي الجزء الأدنى من وجّهوهم ١ وكان على رأسهم المجاهد يحي بن عمر بن إبراهيم اللمتوني الذي توفي سنة ٤٤٦ هـ أو٤٤٧ هـ ٢، فخلفه أخوه: أبو بكر بن عمر اللمتوني، وكان كأخيه مثال الإخلاص والتضحية والقيادة الناجحة، فمدّ الإسلام في إفريقية وبلاد السودان، وأمضى حَياته في الجهاد، وتنازل لابن عمه يوسف بن تاشفين الذي أثبت مقدرة ومهارة أكسبته مكانة عالية بجانب شهرته العسكرية ٣، واستمر أبو بكر في جهاده إلى أن استشهد في الصحراء عام ٤٨٠ هـ ٤.

اتخذت الدولة المرابطية أغمات عاصمة وهي على بعد ٣٥ كم جنوب شرقي مدينة مراكش، ثم اختط يوسف مدينة مراكش عام ٤٥٤ هـ/١٠٦٢ م أو بعدها بقليل، وأسس قصبة ومسجداً، وكان يشارك العمال بنفسه في بناء المسجد تواضعاً لله وتورعاً ٥.

تمكن المرابطون بقيادة يوسف من توحيد المغرب وإنقاذه من الفرقة وأزالوا المنكرات، ورفعوا المكوس الجائرة، وفرقوا الأخماس على المرابطين والفقهاء، وطبقوا أحكام الدين، وقضوا على الروافض، ورجع من بقي منهم إلى أهل السنة والجماعة، كما قضوا على مذهب صالح ابن طريف الإباحي، وكان يهودي الأصل نشر مذهبه بين قبيلة برغواطه ٦ وأصبحت دولتهم تستعد للامتداد إلى الأندلس، وهمّ يوسف بذلك وأخذ في إنشاء المراكب والسفن ليعبر فيها ٧


١ وقيل إن سبب اتخاذ لمتونة للثام: اتخاذهم في أعراسهم نوعاً خاصاً من الحجاب، أو لأنه حدث ذات مرة في بعض حروبهم إن نساءهم كن يقاتلن معهم محجبات حتى يحسبن بذلك في عداد الرجال (انظر السلاوي-الاستقصا جـ ١ص ٩٨-٩٩، عنان-دول الطوائف ص٢٩٩) .
٢ الاستقصا جـ٢ ص١٣.
٣ انظر البيان المغرب جـ٤ ص٢٤.
٤ المؤنس ص١٠٧.
٥ البيان المغرب جـ٤ ص١٢٣/ الاستقصا جـ٢ ص٢٤.
٦ ابن خلدون جـ٦ ص١٨٣-٢٠٩/ انظر: عنان- دول الطوائف ص٣٠٥-٣٠٦.
٧ نفح الطيب جـ٤ ص٣٥٤.

<<  <   >  >>