للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إلى أن لا تكشف عن نفسها لمن يلاحظها دون تعاطف معها”١.

فالموظف يعمل، وقد يجتهد ويتفانى في مهنته، ولكن ما هو سرّ اجتهاده؟ للترقية، لزيادة الراتب، الإخلاص لله تعالى فيما أوكل إليه..؟ أسئلة كثيرة لا يستطيع العلم التجريبي أن يكتشفها ويجيب عنها، بل ربما يُظهر الموظف تفسيراً لجهده معلناً بأنه للإخلاص فقط، ولكن يخفي أمراً آخر، وهو الحصول على مركز معين مثلاً. فكيف يكشف لنا العلم التجريبي هذه الزوايا في السلوك البشري؟.

ولكن يمكن للعلم التجريبي أن ينجح في العلوم التربوية والنفسية والاجتماعية إذا كان في ضوء المنهج الإسلامي، فالموظف الذي ذُكر آنفاً حسب البحث التجريبي العلمي الغربي لا يستطيع أن يجيب عن التساؤل السابق، ولكن لو سار في ظل المنهج الإسلامي لأجاب إجابة عالية في درجة الصحة؛ وذلك بأن يُنظر إلى السلوك العام لهذا الموظف من حيث استقامته ومنهج تعامله مع الآخرين، ودرجة تدينه وورعه عبر سجله الوظيفي الملاحظ غير المكتوب. فهذا يعطينا مؤشراً نسترشد به ولا نحكم به قطعاً على هذا الموظف.

لم يدرك المشتغلون بالعلوم الإنسانية من الغربيين أن تركيبة الإنسان لا يمكن ملاحظة كل جزئياتها؛ لأن ليس كل عناصر التركيبة البشرية مادية خالصة يمكن قياسها.

فهناك نمط من المعنويات والمشاعر والروحانيات التي لا يمكن دراستها دراسة تجريبية معملية، كما هو في المواد الطبيعية أو العلوم الطبيعية المادية.

كما أن هذه الجوانب غير المادية في الإنسان تتغير في الفرد الواحد، وتختلف من مجتمع لآخر أيضاً، بل الدين والعادات والهوى له أثر كبير في


١ إسماعيل راجي الفاروقي، إضفاء الصبغة الإسلامية على العلوم الاجتماعية، ص (٢٧) .

<<  <   >  >>