للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن يكون ذا بأس وقوة. كل هذه المعاني وتلك الاتجاهات من الإنسان تدل على اقتناعه في قرارة نفسه على أن للوجود إلها هو الذي إليه يرجع الوجود في كل أمر من أموره.

استمر الأمر على ذلك قرونا وقرونا وأجيالا وأجيالا يسطع نور الحق، حاملا مشعله رسول يرسل أو نبي يبشر، ويخبو نوره تارة أخرى عندما تمتدّ الفترة بين الرسل؛ فتنتكس عقائد الناس ويركسون في الضلالة من جديد، حتى أرسل الله محمدا صلى الله عليه وسلم بشيرا ونذيرا، ورسولا إلى الخلق كافة؛ فملأ هداه الخافقين وانتشر نبأ رسالته في المشرقين، وهناك في أوربا وآسيا كانت المسيحية ضارية شرسة في القرون الوسطى، وكان لرجالها سلطان قوي، وكان للقياصرة في روسيا بأس شديد؛ فتسلل أحد قساوسة اليهود إلى صفوف هؤلاء القياصرة، وكان داعرا منحلا؛ فأشاع الدّعر والعهر بين صفوف هؤلاء القياصرة من حكام روسيا، فشوّه بذلك صورتهم ولطّخ بهذا الصنيع سمعتهم، فظهروا في أعين الناس بمظهر منبوذ كريه كما ظهر بهذا المظهر ذلك القسيس، وهنا أصبح رجال الدين والحكم في نظر العامة عنوانا على الفساد الخلقي والانحلال السلوكي؛ فتبرّم الناس بالقياصرة رجال الحكم وبالقساوسة رجال الدين، وقد كان الناس يئنون من بشاعة حكم هؤلاء وتسلّط أولئك؛ فوجدوا الفرصة سانحة لأن ينفضوا عن أنفسهم غبارا طال ما تراكم عليهم، وكتم أنفاس التخلص تغلي في صدورهم؛ فقرّروا أنه لا بد من التخلص منهما معا؛ لأن كلا منهما ظهر بصورة حطّت من شأنه وهوّنت من احترامه في نفوس الناس.

<<  <   >  >>