للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومن أعظم أنواع الإلحاد في أسمائه تعالى إنكار حقائقها ومعانيها والتصريح بأنه مجازات، وهو أنواع: وهذا أحدها.

وثانيها: إنكار الأسماء كلية، وهذا يصدق على الجهمية الذين ينفون الأسماء والصفات معاً، وهم أسوأ حالاً من المعتزلة الذين ينفون الصفات، مع إثباتهم١ للأسماء، ولو شكلياً حيث يزعمون أنه تعالى سميع بلا سمع، عليم بلا علم.

وثالثها: تشبيه الله تعالى في صافته، وفي معاني أسمائه بصفات المخلوقين وأسمائهم، وهذا النوع من الإلحاد يشمل المشبهة الذي يشبهون الله بالمخلوق في أسمائه وصفاته، ويشمل المعطلة الذي يشبهونه أولاً حيث زعموا أنهم لا يفهمون من الأسماء والصفات إلا الحقائق التي تليق بالمخلوق، ثم ينفون أسماء الله وصفاته بدعوى التأويل لأن إثباتها على ظاهرها يوقع في التشبيه ولهذا يقال فيهم: إنهم يشبهون أولاً، ثم يعطلون ثانياً، ويقال: كل مشبه معطل، وكل معطل مشبه، لأن المشبهة قد عطلوا البارئ عما يليق به بتشبيههم إياه بالمخلوق. كما أن المعطلة قد شبهوه بتعطيله عن صفات الكمال - وصفاته كلها كمال- بجمادات لا توصف بأي صفة لا بالعلم، ولا بالبصر مثلاً.

وقد أورد هذه القاعدة شيخ الإسلام ابن تيمية في غير موضع من كتبه كالحموية والتدمرية، وقد أنكر الحافظ ابن القيم وجود طائفة معينة تعتقد أن الثابت لله تعالى من صفاته مماثل للمعاني الثابتة للمخلوق فيجعل هذا مذهباً له ويقف عند هذا الاعتقاد دون تأويل كما فعلت المعطلة، هكذا يرى الإمام ابن القيم، ولكننا إذا راجعنا معتقدات بعض الطوائف المنحرفة في عقيدتها نجد (الهشامية) وهم أتباع هشام بن الحكم الرافضي يزعمون أن معبودهم (جسم وله نهاية، وله حد، طوله كعرضه وعمقه) إلى آخر كلام طويل كله تشبيه وتجسيم. وزعيمهم (هشام بن


١ راجع المنتقى من منهاج الاعتدال للذهبي ص: ١١٤ تحقيق محي الدين الخطيب.

<<  <   >  >>