للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فعند المعتزلة: ما جرى في النفي والإثبات فهو من صفات١ الفعل، كما يقال خَلَقَ لفلان ولداً، ولم يخلق لفلان، ورزق زيداً مالاً ولم يرزق عمراً.

وما لا يجري فيه النفي فهو من صفات الذات، كالعلم والقدرة، فلا يقال: لم يعلم كذا، ولم يقدر على كذا. والإرادة والكلام من صفات الفعل عند المعتزلة بخلاف غيرهم من أهل السنة والأشاعرة قلت: على تفصيل معروف عند كل طائفة.

وأما عند الأشعرية فالفرق بينهما أن ما يلزم من نفيه نقيضه فهو من صفات الذات، فإنك لو نفيت الحياة يلزم الموت، ولو نفيت القدرة يلزم العجز، وكذا العلم مع الجهل وما لا يلزم من نفيه نقيضه فهو من صفات الفعل. ولو نفيت الإحياء أو الإماتة أو الخلق أو الرزق لم يلزم من نفيه نقيضه، كما لا يخفى. فعلى هذا الحد لو نفيت الإرادة لزم منه الجبر والاضطرار، ولو نفيت عنه الكلام لزم منه الخرس والسكوت فثبت أنهما من صفات الذات، لا كما تقول المعتزلة كما تقدم، ثم قال القاري: وعندنا – يعني (الماتريدية) - أن كل ما وصف به ولا يجوز أن يوصف بضده فهو من صفات الذات، كالقدرة والعلم والعزة والعظمة، وكل ما يجوز أن يوصف به وبضده فهو من صفات الفعل كالرأفة والرحمة والسخط والغضب"٢ اهـ.

هذه اصطلاحات وقد لا يختلفون في جوهر المسألة ...


١ المعروف أن المعتزلة لا يثبتون جميع الصفات بل غلاتهم ينفون الصفات والأسماء معاً، هذا هو المعروف عندنا وعند غيرنا – فيما أعلم- وأما ما ذكره (ملا علي القاري) فإنه يفهم منه أن المعتزلة يثبتون الصفات. وهو خلاف المعروف، وإن صح هذا الكلام أو هذا النص فإنه يحمل على أن هذا مذهب طائفة معينة منهم غير مشهورة والله أعلم.
٢ شرح الملا على القاري على الفقه الأكبر ص: ٢٠.

<<  <   >  >>