للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مناقشة أقوال الثلاثة

عند إمعان النظر في الأقوال الثلاثة في تحديد صفة الفعل وبيان الفرق بينهما وبين صفة الذات، وعند إمعان النظر في تلك الأقوال نجد أن الخلاف لفظي تقريباً، لأن المعتزلة الذين قد يثبتون الأسماء أو أحكامها أحياناً، أو يلزمهم ذلك- يمثلون للصفات الفعلية بالخلق والرزق مثلاً، وكذلك فعلت الأشاعرة أيضاً كما يتفق الفريقان على أن القدرة والعلم والعزة مثلاً من صفات الذات.

وكذلك الماتريدية تتفق مع الفريقين في أمثلة الصفات الذاتية، هذا بالجملة، وأما عند التفصيل فنجد اتفاقاً أحياناً واختلافاً وتداخلاً أحياناً، لأنه أقوال ترجع في غالبها إلى الاصطلاح والاصطلاحات قد تتفق وقد تختلف، كما هو معروف، ولا يمس ذلك جوهر المسألة كما أسلفنا.

فالقول الإجماع لهذه الأقوال - في فهمنا- أن صفات الأفعال أو الصفات الاختيارية تختلف عن الصفات الذاتية الثبوتية التي تتعلق بها مشيئة الله تعالى لا بأعيانها ولا بأنواعها، كالقدرة والإرادة والعلم والسمع، والبصر والحكمة والعزة والوجه واليد وغيرها، بل هي صفات تتعلق بها مشيئة الله، وتتجدد حسب المشيئة، كالمجيء والاستواء والغضب والفرح والضحك.

أما صفة الكلام فهي من صفات الذات باعتبار أصل الصفة، ومن صفات الأفعال باعتبار أنواع الكلام وأفراده، والله أعلم.

هذا ما يدل عليه كلام أهل العلم من أتباع السلف عند التحقيق، وبالله التوفيق.

<<  <   >  >>