للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

في معنى هذه الصفة (اليد) أنها قريبة من معنى القدرة إلا أنها أخص منها معنى، والقدرة أعم، ثم قال رحمه الله: كالمحبة مع الإرادة والمشيئة، وكل شيء أحبه فقد أراده وليس كل شيء أراده أحبه، وكذلك كل شيء حادث فهو واقع بالقدرة، وليس كل شيء واقع بالقدرة واقعاً باليد، فاليد أخص من معنى القدرة، ولذلك كان فيها تشريف آدم"١ اهـ.

قلت: وكذلك كتابة التوراة وغرس جنة الفردوس كما تقدم، وعند التحقيق أن النسبة بين الإرادة والمحبة من باب عموم وخصوص من وجه يجتمعان في إيمان أبي بكر مثلاً فهو مراد ومحبوب، وتنفرد الإرادة في كفر أبي جهل مثلاً لأنه مراد غير محبوب، وتنفرد المحبة في إيمان إبليس لأنه غير مراد وهو محبوب لو وجد بإرادة الله ومشيئته.

وأما النسبة بين القدرة واليد فمن باب العموم والخصوص المطلق يجتمعان في خلق آدم، وما ذكر معه لأنه خلقه بقدرته وصنعه بيده سبحانه كما كتب التوراة بيده وغرس جنة الفردوس بيده أيضاً، وتنفرد القدرة في سائر مخلوقاته التي لم يباشر خلقها بيده ولكن قال لها: كوني فكانت، والله أعلم.

الصفة السادسة عشرة: صفة الأصابع لله تعالى بلا كيف ولا حد

إذا كنا تحدثنا فيما سبق عن الوجه واليد وغيرهما من الصفات الذاتية الخبرية وأثبتنا أن اليد غير القدرة بل هي صفة زائدة قائمة بذاته تعالى فمن المناسب أن نتحدث عن إثبات الأصابع لله تعالى على ما يليق به سبحانه، والأصابع من الصفات الذاتية الخبرية التي انفردت بإثباتها السنة دون الكتاب.

وقد ذكر غير واحد من علماء الحديث صفة الأصابع في كتبهم وتلقوها بالقبول، وفي مقدمة من ذكر أحاديث الأصابع الشيخان: البخاري ومسلم في صحيحيهما وذكره ابن عبد البر في تمهيده. وقد جمع أكثر طرقه الإمام الدارقطني في رسالته اللطيفة (كتاب الصفات) فانطلاقاً من هذه


١ ابن القيم بدائع الفاويد ص: ٦.

<<  <   >  >>