للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الله عليه الصلاة والسلام: "يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك".

وبهذه الأحاديث الصحاح يثبت علماء الحديث وأهل السنة لله تعالى الأصابع بثبوتها صفة لله تعالى خبرية كما تقدم.

وأحاديث صفة الأصابع لم تسلم من تحريف المحرفين بل نالها ما نال غيرها من نصوص الصفات. حيث زعم بعضهم أن الأصابع تخليط من اليهود لأن اليهود مجسمة، وأن ضحك النبي صلى الله عليه وسلم من كلام الحبر ليس دليلاً على تصديقه لليهودي١، بل هو دليل الكراهة والغضب والاستنكار.

وأنت ترى هذا الكلام ينقصه الشيء الكثير من الإنصاف، وأن مجانبة الصواب فيه واضحة ومكشوفة لكل طالب علم.

وقد نسي المعارضون النافون أو تناسوا حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وحديث النواس بن سمعان وليس في إسنادهما يهودي ولا نصراني بحمد الله تعالى، فذهبوا ليتعلقوا بخيط العنكبوت فزعموا أن أحاديث الأصابع فكرة يهودية فلا ينبغي الاعتماد عليها، وفاتهم أنهم يسيئون بهذا التصرف إلى أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام الذين رووا الحديث بعد أن فهموا أن النبي عليه الصلاة والسلام أقر اليهودي على ما أخبر من قدرة الله تعالى حيث يحمل الرب تلك الأشياء المذكورة في الحديث على أصابعه، بل ضحك عليه الصلاة والسلام ضحكاً يدل على التصديق والإعجاب بكلام الحبر ثم أراد أن يزيل عنه الاستغراب والاستعظام فقرأ عليه قوله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} ٢ الآية، هكذا فهم الرواة من الصحابة ومن بعدهم وأغرب ما في هذا التصرف محاولة تخطئة الراوي الذي قال: "وتصديقاً للحبر وتعجباً من كلامه" ثم تفسير الضحك


١ استقينا هذه المعاني من شرح الإمام النووي على مسلم، وفتح الباري على البخاري عند عرض أحاديث الأصابع.
٢ سورة الأنعام آية: ٩١.

<<  <   >  >>