للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لعبت الفلسفة بعقولهم وغيّرت مفاهيمهم -ونَرْوي (الحوار) بالمعنى لا باللفظ ونوجزه في الآتي:

ناقش شيخ الإسلام ابن تيمية فطاحل علماء الكلام محاولاً إقناعهم بضرورة الاكتفاء بالأدلة النقلية - في المطالب الإلهية- أو تقديمها على العقل لتكون هي الأساس في هذا الباب والعقل تابع لها، لأن العقل الصريح لا يكاد يخالف النقل الصحيح إذا أحسن المرء التصرف، فلم يمكن إقناعهم، بل أصروا على ضرورة تقديم العقل في زعمهم، ظناً منهم أن بينهما اختلافاً- وهو ظن الذين لا يفقهون إلا قليلاً.

وفي آخر الحوار قال لهم ذلك العالم البصير: لو كنت أنا مكانكم لحكمت على نفسي بالكفر ولكنكم جهال!!

فعذرهم بجهلهم- وهم يرون أنفسهم أنهم من أعلم الناس، إلاّ أن ذلك العلم لم يخرجهم من عداد الجهال في نظر الإمام ابن تيمية، لأنهم إنما تعلموا وتبحروا في آراء الرجال وفلسفة اليونان، وأما بالنسبة لعلم الكتاب والسنة فهم في حكم الجهال، ولذا عذرهم الإمام رحمه الله، فيظهر جلياً من هذين الموقفين أنه ممن يعذر الجاهل، والمجتهد، والمخطئ، حتى في باب أصول الدين وبالله التوفيق١.

ومما يشهد لما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية وأمثاله قصة الرجل الإسرائيلي المشهورة وهذا نصها من صحيح البخاري:

حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا هشام، أخبرنا معمر عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: "كان رجل يسرف على نفسه٢ فلما حضره الموت قال لبنيه:


١ موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول وغيره للإمام ابن تيمية.
٢ ذكر في بعض روايات الحديث أنه كان (نباشا) .

<<  <   >  >>