للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

التي كان يصف ربه بها، لا نصاً ولا ظاهراً مما يصرفها عن حقائقها ويؤولها كما تأولها هؤلاء - مشايخي الفقهاء- المتكلمون، مثل تأويلهم الاستواء بالاستيلاء، والنزول بنزول الأمر، وغير ذلك.

ولم أجد عنه عليه الصلاة والسلام أنه كان يحذر الناس من الإيمان بما يظهر من كلامه في صفته لربه، من الفوقية واليدين وغيرهما، ولم تنقل عنه مقالة تدل على أن لهذه الصفات معاني أُخَر باطنة غير ما يظهر من مدلولها، مثل الفوقية القهرية، ويد النعمة، وغير ذلك.

وأجد الله عز وجل يقول: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ١، {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} ٢، {يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ} ٣، {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} ٤، {أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ} ٥، {أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا} ٦.

فسرد آيات كثيرة كلها تدل على فوقية الله وعلوه على خلقه، إلى أن قال: ثم أجد الرسول عليه الصلاة والسلام لما أراد الله أن يخصه بقربه عرج به من سماء إلى سماء، حتى كان قاب قوسين أو أدنى، ثم قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث للجارية: "أين الله؟ " فقالت: في السماء٧. فلم ينكر عليها


١ سورة طه آية ٥.
٢ سورة الأعراف آية ٥٣.
٣ سورة النحل آية ٥٠.
٤ سورة فاطر آية ١٠.
٥ سورة الملك آية ١٦.
٦ سورة الملك آية ١٧.
٧ أخرجه مسلم.

<<  <   >  >>