للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وستجد في من يتصل بك من يغلبه إفراط الحرص وحمياً الشره، ولين جانبك له، على أن ينقم العافية، ويطلب الُّلحوق بمنازل من ليس هو مثله، ولا له مثل دالته، فتلقاه لما تصنع به مستقلاً، ولمعرفتك مستصغراً. وصلاح من كانت هذه حاله بخلاف ما فسد عليه أمره. فاعرف طرائقهم وشيمهم، وداو كل من لا بد لك من معاشرته بالدواء الذي هو أنجع فيه، إن ليناً فليناً، وإن شدةً فشدة؛ فقد قيل في المثل:

من لا يؤدبه الجمي ... ل ففي عقوبته صلاحه

وقد قال بعض الحكماء: " ليس بحكيمٍ من لم يعاشر من لا يجد من معاشرته بداً، بالعدل والنَّصفة، حتى يجعل الله له من أمره فرجاً ومخرجاً.

فاحفظ هذه الأبواب التي يوجب بعضها بعضاً، وقد ضمنت لك أوائلها كون أواخرها. فاعرفها واقتبسها، واعلم أنه متى كان الأول منها وجب ما بعده لا بد منه. فاحذر المقدمات اللاتي يعقبها المكروه، واحرص على توطيد الأمور التي على أثرها السلامة، وألقح في البديِّ الأمور التي نتاجها العافية.

<<  <  ج: ص:  >  >>