هذه الأمور التي أوجبتها الجسمية، وهي الدالة على حدوث الأجسام. فواجب أن يكون كل جسم كذلك، إذا كانت الأجسام مستوية في الجسمية، وإذا كان كل جسم منها أيضاً لزمه ذلك.
وقد اختلف أصحاب التشبيه في مذاهب التشبيه.
فقال بعضهم: نقول: إنه جسم، وكل جسم طويل.
وقال آخرون: نقول: إنه جسم، ولا نقول إنه طويل، لأنا إنما جعلناه جسماً لنخرجه من باب العدم؛ إذ كنا متى أخبرنا عن شيء، فقد جعلناه معقولا متوهماً، ولا معقول ولا متوهم إلا الجسم. وليست بنا حاجة إلى أن نجعله طويلاً، وليس في كونه جسماً إيجاب لأن يكون طويلاً. لأن الجسم يكون طويلاً وغير طويل، كالمدور، والمثلث، والمربع، وغير ذلك، ولا يكون الشيء إلا معقولا، ولا المعقول إلا جسماً. فلذلك جعلناه جسماً، ولم نجعله طويلا.
فينبغي - يرحمك الله - لصاحب هذه المقالة، إن لم يجعله طويلاً أن يجعله عريضاً، وإن لم يجعله عريضاً أن يجعله مدوراً، وإن لم يجعله مدوراً أن يجعله مثلثاً، وإن لم يجعله مثلثاً أن يجعله مربعاً. وإن أقر بهيئة من الهيئات فقد دخل فيما كره.
ولا أعلم المدور، والمثلث، والمربع، والمخمس، والمصلب، والمزوى، وغير ذلك من الهيئات، إلا أشنع في اللفظ، وأحقر في الوهم.