عنه، أو كبتاً لعدو وإنزال هوانٍ به، فإن السلطان وخيلاءه وزهوه يحتمل فيه ما لا يجوز في غيره، ويعذر فيه ما لا يعذر في سواه.
واعلم أن نشر محاسنك لا يليق بك، ولا يقبل منك، إلا إذا كان القول لها على ألسن أهل المروءات، وذوي الصدق والوفاء، ومن ينجع قوله في القلوب ممن يستنام إلى قوله، ويصدق خبره، وممن إن قال صدق، أو مدح اقتصد، يثنى بقدر البلاء، فإن إشراف الثناء على قدر النعمة يولّد في القلوب التكذيب، ويدل على طلب المزايد.
فأما ثناء المادحين لك في وجهك، فإنما تلك أسواقٌ أقاموها للأرباح، وساهلوك في المبايعة، ولم يكن في الثناء عليهم كلفة، لكساد أقاويلهم عند الناس. أولئك الصادقون عن طرق المكارم، والمثبطون عن ابتناء المعالى.
فارتد لنعمك مغرساً تنمو فيه فروعها، وتزكو ثمرتها، لا تذهب نفقتك ضياعاً، إما لعاجلٍ تقدمه، أو لآجلِ ثناء تنتفع به.
ولن تعدم أن يفجأك في بعض أحوالك حقوقٌ تبهظك، وأحوالٌ تفدحك، وأمورٌ كلها تتقسم عنايتك، وفي التثبت في مثلها تُعرف فضيلتك،