للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

بالأدب ويديم الثخانة والزماتة، والحلم والفخامة، أرضى ضبطه للسانه، وأحمد حياطته لسره. وذلك أنه لا شيء أصعب من مكابدة الطبائع، ومغالبة الأهواء؛ فإن الدولة لم تزل للهوى على الرأي طول الدهر. والهوى هو الداعية إلى إذاعة السر، وإطلاق اللسان بفضل القول.

وإنما سُمِّي العقل عقلاً وحجراً، قال تعالى - " هل في ذلك قسمٌ لذي حجر " - لأنه يزم اللسان ويخطمه، ويشكله ويربثه، ويقيد الفضل ويعقله عن أن يمضي فُرطاً في سبيل الجهل والخطأ والمضرة، كما يُعقل البعير، ويحجر على اليتيم.

وإنما اللسان ترجمان القلب، والقلب خزانة مستحفظة للخواطر والأسرار، وكل ما يعيه من ذلك عن الحواس من خير وشر، وما تولده الشهوات والأهواء، وتنتجه الحكمة والعلم.

ومن شأن الصدر - على أنه ليس وعاء للأجرام، وإنما يعي بقدرةٍ من الله لا يعرف العباد كيف هي - أن يضيق بما فيه، ويستثقل ما حمل

<<  <  ج: ص:  >  >>