فلما رأينا هذه الخصال مجتمعة في رجل دون الناس كلهم وجب علينا تفضيله عليهم، وتقديمه دونهم.
وذاك أنا سألنا العلماء والفقهاء، وأصحاب الأخبار، وحمال الآثار، عن أول الناس إسلاماً، فقال فريق منهم: علي، وقال قوم: زيد بن حارثة، وقال قوم: خباب. ولم نجد قول كل واحد منهم من هذه الفرق قاطعاً لعذر صاحبه، ولا ناقلاً عن مذهبه، وإن كانت الرواية في تقديم علي أشهر، واللفظ به أكثر.
وكذلك إذا سألناهم عن الذابين عن الإسلام بمهجهم. والماشين إلى الأقران بسيوفهم، وجدناهم مختلفين: فمن قائل يقول: علي رضي الله عنه، ومن قائل يقول: الزبير، ومن قائل يقول: ابن عفراء، ومن قائل يقول: محمد بن مسلمة، ومن قائل يقول: طلحة، ومن قائل يقول: البراء بن مالك.
على أن لعلي من قتل الأقران والفرسان ما ليس لهم، فلا أقل من أن يكون علي في طبقتهم.
وإن سألناهم عن الفقهاء والعلماء، رأيناهم يعدون علياً كان أفقههم، وعمر، وعبد الله بن مسعود، وزيد بن ثابت، وأبي بن كعب.