وقال علي رضي الله عنه في دعائه:" نعوذ بالله من قوم إذا اجتمعوا لم يملكوا، وإذا افترقوا لم يعرفوا ". فهؤلاء هؤلاء.
وضرب آخر قد فقهوا في الدين، وعرفوا سبب الإمامة، وأقنعهم الحق وانقادوا له بطاعة الربوبية وطاعة المحبة، وعرفوا المحنة وعرفوا المعدن، ولكنهم قليل في كثير، ومختار كل زمان. وإن كثروا فهم أقل عدداً وإن كانوا أكثر فقهاً.
فلما كان الناس عند علي وأبي بكر وعمر، وأبي عبيدة، وأهل السابقة المهاجرين والأنصار، على الطبقات التي نزلنا، والمنازل التي رتبنا، وبالمدينة منافقون يعضون عليهم الأنامل من الغيظ، وفيها بطانة لا يألونهم خبالاً، لا يخفى عليهم موضع الشدة وانتهاز الفرصة، وهم في ذلك على بقية، ووافق ذلك ارتداد من حول المدينة من العرب، وتوعدهم بذلك في شكاة النبي صلى الله عليه وسلم، وصح به الخبر.
ثم الذي كان من اجتماع الأنصار حيث انحازوا من المهاجرين وصاروا أحزاباً وقالوا:" منا أمير ومنكم أمير "، فأشفق علي أن يظهر إرادة القيام بأمر الناس، مخافة أن يتكلم متكلم أو يشغب شاغب ممن وصفنا حاله، وبينا طريقته، فيحدث بينهم فرقة، والقلوب على