وضعف أنفسهم على الإقرار بالذنب، فلا ذلَّة الضعف الثاني في الاعتذار نهت عن كلفة الضعف الأول في الاغتياب، ولا كلفة الضعف الأول صانت عن ذلَّة الضعف الثاني.
وعلى أن أكثر من يُعتذر إليه ليس بقابلٍ للعذر على حقيقةٍ وإن أظهر القبول، لما جرَّب من سخاء الناس بالأيمان، وبعدهم من الإقرار بالذنب ما لم تأت حجة واضحة، ودليلٌ شاهد عدل.
وإذا كانت هذه سبيل المعتذَر إليه فيحق على المعتذِر - إن كانت في نفسه قيمة - أن لا يعتذر إلا إلى من يحبُّ أن يجد له عذراً، ولا يعجل إلى المَيْن وهو لا يجد للحجة مكانا.
وأكثر من يُعتذر إليه إنما يُفعل ذلك به خوفاً من سقطته، وإبقاءً لسلطانه.
والمتفقِّهون يتأولون في الأيمان السلطانية ما يُلحق بها عند السلطان التهمة، ويلزمهم الظّنّة، سيما في الأمور التي في الإقرار بها إباحة الدم والمال، وهتك الستر.
ولا حسم لهذا الداء إلا باطراح الفضول، وسلامة اللسان من أن يلغ في الأعراض، ويستسر بالعضيهة والبهت.